أرباع بوصة. ويصف فرجيل- وهو الرجل الرقيق- حفلة ملاكمة غير شديدة في لغة لا تكاد تفترق عن لغة هذه الأيام فيقول:
"ثم جاء ابن أنكيسيز Anchises بقفازات من الجلد متساوية في الوزن، وربط بها أيدي الملاكمين … ووقف كلاهما في موضعه معتمداً على أطراف أصابع قدميه، ورافعاً ذراعه … ثم يبعد رأسه إلى الوراء ليتقي ضربات خصمه ويبدأ التلاكم باليدين، ويسدد كل منهما ضربات قوية همجية إلى صدر الآخر، وجنبيه، وأذنيه، وجبهته، وخديه، يردد الهواء صداها. ويمد إنتلس Entellus يمناه، وينحرف دارس Dares إلى أحد الجانبين بحركة رشيقة … ويهاجم أنتلس دارس بقوة، ويطرحه على أرض المجتلد، ويكيل له الضربات بيمناه تارة وبيسراه تارة أخرى … ثم يجيء إينياس وينهي المعركة، ويقبل رفقاء دارس ويقودونه إلى السفن تصطك ركبتاه ويتأرجح رأسه من ناحية إلى أخرى وفمه تخرج منه الأسنان والدماء.
وكان السباق في الحلبة الكبرى Circus Maximus أكثر من هذه الملاكمات إثارة لمشاعر النظارة. وكانت أربعون سباقاً تقام في يومين متتاليين منها سباق الخيل يركبها راكبون محترفون؛ ومنها سباق العربات الخفيفة ذات العجلتين يجرها جوادان أو ثلاثة جياد أو أربعة مشدودة إليها جنباً إلى جنب. وكانت الاصطبلات المتنافسة التي يملكها الأغنياء هي التي تؤدي نفقات السباق. وكان الراكبون المحترفون وسائقو المركبات يلبسون حللاً تختلف ألوانها وتطلى المركبات نفسها بألوان مختلفة لكل اصطبل لون خاص يميزه من غيره من الاصطبلات: منها الأبيض والأخضر والأحمر والأزرق. فإذا اقترب موعد هذه المباريات انقسمت رومة كلها شيعاً تسمى كل شيعة باسم اللون الذي تناصره وخاصة اللونين الأحمر والأزرق. وكان نصف الأحاديث في المنازل، والمدارس، والمحاضرات، والسوق الكبرى يدور حول راكبي الخيل المحترفين، وراكبي