نصيباً أوفى من الحرية، كما ازدادت تحرر الزوجات من الأزواج والأفراد من الجماعات. وشاهد ذلك أن تراجان أمر بفصل ابن عن أبيه لأنه أساء معاملته، وأن هدريان سلب من الأب حقه في قتل أفراد أسرته ونقل هذا الحق إلى المحاكم، ومنع أنطونينس أباً من أن يبيع أبناءه عبيداً (٥). وكانت العادة قد قصرت من زمن بعيد استخدام هذه السلطات القديمة على حوادث فردية نادرة. ذلك أن القانون ينزع على الدوام للسير ببطء خلف التطور الأخلاقي، لا لأن القانون عاجز عن التعلم بل لأن التجارب قد دلت على أن من المحكمة أن تجرب الأساليب الجديدة عملياً قبل أن توضع في صورة الشرائع.
وكانت المرأة الرومانية تحصل على حقوق جديدة كلما فقد الرجل حقوقاً قديمة، ولكنها كانت من المهارة بحيث تستطيع أن تستر حريتها بستار من القيود القانونية المطردة الزيادة. لقد كانت شرائع الجمهورية تفترض أنها "لا حق لها على نفسها Sui Iuris" مطلقاً بل أنها على الدوام خاضعة لولي من الذكور. وفي ذلك يقول جايوس: "توجب عاداتنا على النساء الرشيدات أنفسهن أن يبقين تحت الوصاية لخفة عقولهن" (٦). ثم زال القسط الأكبر من هذه الوصاية في عهد الجمهورية المتأخر وفي عهد الإمبراطورية، وكان سبب زواله مفاتن النساء وقوة إرادتهن، واستجابة الرجال لهذه المفاتن وهيامهم بالنساء. فكان المجتمع الروماني من أيام كاتو الأكبر إلى أيام كمودس Commodus خاضعاً لسلطان النساء، وإن كان من الناحية القانونية مجتمعاً أبوياً، وكان يسوده كل ما كانت تمتاز به سيادتهن على إيطاليا في عهد النهضة أو الندوات الفرنسية في عهد آل بربون من ظرف ورشاقة. وأقرت قوانين أغسطس هذه الحقيقة الواقعة بعض الإقرار بأن رفعت الوصاية عن كل امرأة ولدت ثلاثة أبناء شرعيين (٧). وأصدر هدريان مرسوماً يجعل من حق النساء أن يتصرفن في أملاكهن كيفما شئن بشرط أن يحصلن قبل ذلك على موافقة أوليائهن، ولكن الإجراءات الفعلية لم تلبث