كله نماذج مصغرة من مجمع أفلاطون العلمي، ولوفيون أرسطو، واستوازينون، كان الإمبراطور، وهو متغمس في هذا الثراء الباطل، أن يظهر شيئاً من التقدير للفلسفة ويرد إليها بعض اعتبارها.
ولقد تم بناء هذا القصر في السنين الأخيرة من حياة هدريان، ولسنا نعلم أنه وجد فيه ما كان ينشده من سعادة، فقد أقضت ثورة اليهود التي شبت في عام (١٣٥) مضجعه وأمرت عيشه، غير أنه أخمدها بوسائل رحيمة، وساءه كثيراً أنه لم يستطع أن يختتم حياته من غير حرب، وأصيب في ذلك العام نفسه، ولم يكن قد تجاوز التاسعة والخمسين من عمره، بداء عضال- ربما كان هو ذات الرئة أو داء الاستقساء- هد كيانه، وبرحت به آلامه، وأنهك شيئاً فشيئاً جسمه وروحه وعقله، وزاد مزاجه حدة، وأخلاقه شكاسة، فأخذ يرتاب في أصدقائه القدامى، ويظنهم يأتمرون به ليقتلوه ويجلسوا على العرش بعده، وأخيراً أمر أن يعدم جماعة منهم- ولسنا نعلم أكان على حق في ريبته، أم أنه أصدر أمره هذا في ساعة ذهب فيها عقله.
وأراد أن يخمد حرب الوراثة التي كانت نارها مشتعلة وقتئذ في بلاطه، فتبنى صديقه لوسيوس فيرس Lucius Verus واختاره خليفة له. ولمامات لوسيوس بعد قليل من ذلك الوقت، استدعى هدريان إليه وهو على سريره في تيبور رجلاً أبيض الصحيفة اشتهر بين الناس باستقامته وحكمته وهو تيتس أورليوس أنطونينس Titus Aurelius Antoninus وتبناه وجعله وارثاً لملكه من بعده. ثم شاء أن يكون أبعد من هذا نظراً فأشار على أنطونينس أن يتبنى هو الآخر شابين كانا يعيشان وقتئذ في بلاطه ويربيهما تربية تجعلهما أهلاً لهذا المنصب السامي، وهما ماركس أنينس فيرس