ليساعدهم على صد غارة ألمانية، فأجابهم قيصر إلى ما طلبوا وحدد هو ثم هذه المعونة:
وأعاد قيصر وأغسطس تنظيم غالة فقسّماها أربع ولايات: غالة التربونية في الجنوب، وهي المعروفة للرومان باسم بروفنسيا Provincia ولنا باسم بروفانس Provence، وقد اصطبغت هذه الولاية إلى حد كبير بالصبغة اليونانية بسبب استيطان اليونان لشاطئ البحر الأبيض المتوسط، وأكوتانيا في الجنوب الغربي، ومعظم سكانها من الأيبيريين، وغالة اللدجونية Ludgonensis في الوسط، وكانت الكثرة الغالبة من أهلها من الكلت، وبلجيكا في الجنوب الشرقي وكثرة أهلها ألمان. وقد أقرّت روما هذه الأقسام العنصرية وزادتها حدة لتتقي بذلك ثورتها الجامحة، فأبقت المقاطعات التي تسكنها القبائل المختلفة على حالها واتخذتها أقساماً إدارية. وكان المُلاّك هم الذين يختارون الحكام، وقد ضمنت روما ولاء هؤلاء الملاك بما كانت تقدمه لهم من عون د الطبقات الدنيا، ومنحت حق المواطنية الرومانية مكافأة منها للغاليين الموالين لها الذين يؤدون لها خدمات قيمة. وكانت جمعية إقليمية تضم ممثلين يُختارون من كل مقاطعة تجتمع كل عام في مدينة ليون. وقد قصرت وظيفتها في أول الأمر على القيام بطقوس عبادة أغسطس، ولكنها ما لبثت أن انتقلت من هذا إلى التقدّم بملتمسات إلى الحكام الرومان، ثم أصبحت هذه الملتمسات توصيات ثم مطالب. وانتزعت شؤون القضاء من أيدي الكهنة، وبدد شملهم، واتبع القانون الروماني في فرنسا، وظلّت غالة ما يقرب من قرن خاضعة مستسلمة للنير الجديد.
وحدث في عام ٦٨ م وفي عام ٧١ م أن اندلع لهيب الثورة زمناً قصيراً بقيادة فندكس Vindex وسفيلس Civilis، ولكن الأهلين لم يقدموا إلا عوناً قليلاً لهاتين الحركتين، وفضّلوا الاستمتاع بالرخاء، والأمن والسلام على حب الحرية.