للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اليهود: وأقام في هذه المدينة ثمانية عشر شهراً (٥١ - ٥٢؟ م) يكسب فيها قوته بصنع الخيام ويخطب كل سبت في كنيستها: وأفلح في هداية رئيس الكنيس، وعدد غيره من الأفراد بلغ من الكثرة حداً ارتاع له اليهود فاتهموا بولس أمام غاليون Galieo الحاكم الروماني بأنه يستميل "الناس على أن يعبدوا الله بخلاف الناموس". فأجابهم غاليون بقوله: "إذا كان مسألة عن كلمة وأسماء، وناموسكم، فتبصرون أنتم، لأني لست أشاء أن أكون قاضياً لهذه الأمور"، ثم طردهم من المحكمة. وأخذت الطائفتان تتضاربان "ولكن لم يهم غاليون شيء من ذلك" (٣٩). وعرض بولس الإنجيل على غير اليهود من أهل كورنثة ودخل كثيرون منهم في دينه، ولعل المسيحية قد بدت لهم أنها صورة أخرى من الأديان الخفية، التي طالما حدثتهم عن المنقذين الذين يبعثون بعد موتهم، ولعلهم حين قبلوها قد مزجوها بتلك العقائد القديمة، وأثروا في بولس فجعلوه يفسر المسيحية تفسيراً يألفه العقل الهلنستي.

ثم انتقل بولس من كورنثة إلى أورشليم (٥٣؟) ليسلم على الاخوة. ولكنه لم يلبث إلا قليلاً حتى بدأ سفرته التبشيرية الثالثة، وزار فيها الجاليات المسيحية في إنطاكية وآسية الصغرى، وبعث فيهم القوة والعزيمة بحماسته وثقته. وقضى في إفسوس عامين، وأتى فيها بأمثال عجيبة جعلت كثيرين من الناس يعتقدون أنه صانع معجزات، وحاولوا أن يشفوا مرضاهم بلمس الأثواب التي لبسها، ووجد صانعوا التماثيل التي كان عابدو الأوثان يضعونها في هيكل أرطيس أن تجارتهم كسدت، ولعل بولس قد أعاد هنا ما أعلنه في أثينة من تشهير بعبادي الصور أو الوثنيين. وقام رجل يدعى دمتريوس ممن كانوا يصنعون نماذج من فضة للضريح العظيم ليتبرك بها الحجاج الصالحون، قام هذا الرجل بتنظيم مظاهرة احتجاج على بولس والدين الجديد، وسار على رأس جماعة من اليونان إلى ملهى