للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يدافع عن الوثنية دفاعاً قوياً، ولكنه جعل أكتافيوس يرد عليه بأدب جم كاد يقنع كاسليوس بأن يعتنق المسيحية. ولما جاء جستين Justin السامري إلى روما في عهد أنطونينس افتتح فيها مدرسة لتعليم الفلسفة المسيحية، وحاول في "دفاعين" بليغين أن يقنع الإمبراطور وهو "فرسمس Verissimus الفيلسوف" بأن المسيحيين مواطنون مخلصون، لا يتوانون عن أداء الضرائب، وأنهم إذا عوملوا معاملة الأصدقاء قد يصبحون عوناً عظيم القيمة للدولة. وظل عدة سنين ينشر تعاليمه دون أن يصاب بأذى، ولكن حدة لسانه خلقت له أعداء، ولهذا استطاع أحد الفلاسفة المنافسين له أن يغري ولاة الأمور في عام ١٦٦ بالقبض عليه هو وستة من أتباعه وإعدامهم على بكرة أبيهم. وبعد ست سنين من ذلك الوقت قام إيرينيوس Irenaeus أسقف ليون بحملة قوية يدعو فيها إلى وحدة الكنيسة، وذلك في كتابه المسمس معارضة الإلحاد Adversus Haeresse وهو حملة قوية على كافة ضروب الإلحاد. وقد قال إيرينيوس إنه لا سبيل إلى منع المسيحية أن تتفرق فتصبح ألف شيعة وشيعة إلا أن يرضى المسيحيون بالخضوع لسلطة واحدة تحدد لهم مبادئ دينهم - وتلك السلطة هي قرارات مجالس الكنيسة الأسقفية.

وكان أجرأ المدافعين عن المسيحية في تلك الفترة هو كونتس سبتميوس ترتليانس Quintus Septimius Tertnillianus القرطاجني. وكان مولده في تلك المدينة عوالي عام ١٦٠، وكان والده قائداً رومانياً على مائة، ولما شب درس البلاغة في نفس المدرسة التي تعلّم فيها أبوليوس Apuleius، ثم اشتغل بالمحاماة عاماً واحداً في روما. واعتنق المسيحية في كهولته وتزوج بمسيحية، ونبذ كل اللذائذ الوثنية ورُسم قساً (كما يقول جيروم). فلما تم له هذا استخدم جميع الفنون والأساليب التي عادت عليه من تعلم البلاغة للدفاع عن الدين المسيحي، وضم إليها حماسة الرجل المؤمن المهتدي إلى دينه. لقد كانت المسيحية اليونانية فلسفة لاهوتية صوفية، فلما اعتنق ترتليان دينه الجديد جعل المسيحية اللاتينية ديناً