الكثير من ضروب البسالة في القتال، وكثيراً ما كان يتحدى أعداءه ويطلب إليهم أن يبارزوه رجلاً لرجل؛ ولكن رجاله لم يكن لهم مثل ما كان له من رغبة في قتال البارثيين، بل كان حبهم للغنائم أكثر من حبهم للقتال، فقتلوه في كارى Carrhae التي هزم فيها كراسس (٢١٧). ونادى مكرينس Macrinus قائد الحرس بنفسه إمبراطورياً، وأمر مجلس الشيوخ، بعد أن أظهر بعض التردد، بأن يتخذ كركلا إلهاً. ونفيت جوليا دمنا إلى إنطاكية بعد أن حرمت في خلال ست سنين من الإمبراطوريّة، ومن زوجها، ومن أبنائها، فأضربت عن الطعام حتى ماتت.
وكان لها أخت تدعى جوليا ميزا Julia Maesa لا تقل عنها قدرة وكفاية. فعادت جوليا الثانية إلى حمص ووجدت فيها حفيدين يبشران بمستقبل عظيم. فأما أحدهما فكان ابن ابنتها جوليا سؤامياس Julia Soaemiae، وكان كاهناً شاباً من كهنة بعل، يسمى فاريوس أفيتس Varius Avitus، وهو الذي سمي فيما بعد الجابالس Elgabalus أي "الإله الخالق"(١). أما الثاني فكان ابن جوليا ماميا Gulia Mamaea ابنة ميزا، وكان غلاماً في العاشرة من عمره يدعى الكسيانس Alexianus وهو الذي أصبح فيما بعد الكسندر سفيرس. ونشرت ميزا الشائعة القائلة إن فاريوس هو الابن الطبيعي لكركلا، وإن كان في واقع الأمر ابن فاريوس مرسلس، وأطلقت عليه اسم بسيانس؛ ذلك أن الإمبراطوريّة كانت أفضل عندها من سمعة ابنتها، وماذا يضيرها بعد أن مات مرسلس والد الشاب. وكان الجنود الرومان في سوريا قد ألغوا الشعائر الدينية السوريّة، وكانوا يشعرون باحترام لهذا القس الشاب الذي لا يتجاوز الرابعة عشرة من العمر تبعثه في قلوبهم عاطفة دينية قوية. يضاف إلى هذا أن ميزا أوعزت إليهم بأنهم إذا
(١) وقد أخطأ الكتّاب اللاتين فترجموا اسمه Heliogabalus إلى ((إله الشمس)).