للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها هبات لهم. أو أن تنهب أموال الأغنياء نهباً سافراً (٢٤). وتأثرت الصناعة بكساد التجارة ونقصت تجارة الصادر الإيطاليّة حين انتقلت الولايات من عميلات لإيطاليا إلى منافسات لها؛ وجعلت الغارات والقراصنة لطرق التجارة غير مأمونة كما كانت قبل عهد بمبي، وكان انخفاض قيمة العملة وتقلب الأثمان من العوامل غير المشجعة للمشروعات الطويلة الأجل. ولما أصبحت إيطاليا عاجزة عن توسيع حدود الإمبراطوريّة، لم يعد في مقدورها أن تزدهر بأن تمد بالسلع دولة آخذة في الاتساع، أو أن تستغل موارد هذه الدولة. وكانت فيما مضى من الأيام تجمع سبائك الذهب والفضة من البلاد المفتوحة، وتملأ خزائنها بما تنهبه من أموال هذه البلاد؛ أما في الوقت الذي نتحدث عنه فإن النقود كانت تهاجر الولايات الهلنستية الأكثر تصنيعاً من إيطاليا، وأخذت هي تزداد على مر الأيام فقراً، في الوقت الذي كانت فيه ثروة آسية الصغرى المطردة الزيادة تحتم أن تستبدل بروما عاصمة شرقية للإمبراطوريّة. واقتصرت المصنوعات الإيطالية على الأسواق المحلية، ووجد الأهلين أفقر من أن يبتاعوا السلع التي كان في وسعهم أن ينتجوها (٢٥). يضاف إلى هذا أن التجارة الداخلية كان يقف في سبيلها قطاع الطرق، والضرائب المتزايدة، وتلف الطرق لقلة العبيد وأضحت بيوت الأثرياء في الريف تنتج حاجتها من السلع وتكفي نفسها بنفسها، وحلت المقايضة في التجارة محل النقود، كما حلت الحوانيت الصغيرة عاماً بعد عام محل الإنتاج الكبير وكانت تسد حاجة الإنتاج المحلي بنوع خاص.

وزاد الطين بلة كثرة الصعاب المالية، وذلك بأن المعادن الثمينة أخذت تقل شيئاً فشيئاً لأن مناجم الذهب في تراقية ومناجم الفضة في آسية تناقص إنتاجها وكانت داشيا وما فيها من الذهب توشك أن تخرج من يد أورليان. وكانت الفنون والحلي تستنفذ كثيراً من الذهب والفضة. وواجه الأباطرة من سبتيموس سفيرس ومَن جاءوا بعده هذا النقص الشديد في الوقت الذي كانت فيه الحروب