للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فترى هليودورس يحافظ على عفة كركليز وينجيها من عشرات الأخطار ويدبج عدداً من العضات القوية المقنعة في جمال الفضيلة النسوية ووجوب المحافظة عليها. ولعلنا نجد هنا شيئاً من تأثير المسيحية؛ بل إن الرواية المتواترة تجعل مؤلف القصة أسقف سالونيكي المسيحي فيما بعد. ولقد كانت الأثيوبكا، على غير علم أو قصد من مؤلفها، منشأ عدد لا يحصى من الروايات التي نسجت على منوالها؛ فلقد كانت هي أنموذج قصة سرفنتيز Cervontes المسماة Pesileey Sigismunda وقصة كورندا في رواية إنقاذ أورشليم لتاسو، وقصص السيدة ده اسكوديري Mme de Scudery. ففي هذه الرواية نجد جريمة الحب، ودلائله، والتوجع والإغماء، والخاتمة السعيدة التي نجدها في مئات الآلاف من القصص الممتعة؛ وهنا نجد رواية كلارسا هارلو Clarissa Harlowe قبل كاتبها ردشردسن Richardson بألف وخمسمائة عام.

وأشهر قصص الحب جميعها في النثر القديم قصة دفنيس وكلوني Daphnis and Chloe. ولسنا نعرف عن مؤلفها إلا اسمه لنجس Longus، كما اننا نظن مجرد ظن أنها ألقت في القرن الثالث بعد الميلاد. وتقول إن دفنيس عرض لتقلبات الجو القاسية وقت مولده، وإن راعياً أنقذه وعنى بتربيته وإنه أصبح هو الآخر راعياً. وفي القصة فقرات رائعة في وصف الريف توحي بأن لنجس كشف ما فيه من جمال بعد طول مقامه في المدينة، كما كشفه الشاعر ثيو كريتس الذي نسج هو على منواله. ويحب دفنيس فتاة حسناء أنقذت هي الأخرى بعد أن عرضت للجو القاسي في طفولتها. ويرعى الفتى والفتاة قطعانهما وتتوثق بينهما عرى الصداقة والألفة، ويستحمّان معاً وهما عريانين في طهر وبراءة، ويقبل كلهما الآخر أول قبلة يسكران منها. ويشرح لهما جارسنج نشوة حبهما، ويصف لهما ما لاقاه في أيام شبابه من آلام العشق فيقول: "لم أكن أفكر في طعامي،