أو بغير ثمن على الإطلاق، وشرع يقيم كثيراً من المنشآت العامة ليوجد بذلك عملاً للمتعطلين (٤٢)، ووضع عدداً كبيراً من فروع الصناعة والتجارة تحت سيطرة الدولة ليضمن بذلك حاجات المُدن والجيش؛ وبدأ هذه السيطرة الكاملة باستيراد الحبوب فأقنع أصحاب السفن والتجار والبحارة المشتغلين بهذه التجارة أن يقبلوا أشراف الدولة عليها نظير ضمان الحكومة لعدم تعطلهم ولأرباحهم (٤٣). وكانت الدولة من زمن قديم تمتلك معظم مقالع الحجارة، ورواسب الملح، والمناجم، ولكنها خطت في ذلك الوقت خطوة أخرى فحرمت تصدير الملح، والحديد، والذهب، والخمر، والحبوب، والزيت، من إيطاليا، وفرضت نظاماً دقيقاً صارماً على استيراد هذه المواد (٤٤). ثم انتقلت بعد ذلك إلى السيطرة على المؤسسات الصناعية التي تنتج حاجيات الجيش، وموظفي الدولة وبلاط الأباطرة، وحتمت على مصانع الذخيرة، والنسيج، والمخابز ألا يقل إنتاجها عن قدر معين، واشترت هذا القدر بالأثمان التي حددتها هي له، وألقت على جمعيات الصناع تبعات تنفيذ أوامرها ومواصفات منتجاتها، فإذا تبينت أن هذه الخطة لم تؤدِ إلى الغرض المقصود منها أممت هذه المصانع، وجهزتها بعمال فرضت عليهم أن يعملوا فيها (٤٥). وبهذا وضعت الكثرة الغالبة من المؤسسات الصناعية والنقابات الطائفية في إيطاليا شيئاً فشيئاً تحت سيطرة الدولة المتحدة في عهد أورليان ودقلديانوس. وخضع القصابون والخبازون، والبناءون، وصناع الزجاج، والحديد، والحفارون خضع هؤلاء جميعاً لنظم مفصلة وضعتها لهم الحكومة (٤٦). ويقول رستوفتزف Rostovizeff إن الهيئات الصناعية المختلفة كانت أشبه بمراقبات صغرى على مؤسساتها تقوم بهذا العمل نيابة عن الدولة وكانت أشبه بهذه المراقبات منها بمالكة المؤسسات. وكانت خاضعة لسلطان موظفي المصالح الحكومية المختلفة، ولقواد الوحدات العسكرية المتباينة (٤٧).
وحصلت جمعيات التجار والصناع من الحكومة على مزايا كثير متنوعة،