للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تاريخ الأديان. ولم يكن الصليب يسيء إلى جنود قسطنطين من عُبّاد مثراس، لأنهم طالما حاربوا تحت لواء يحمل شعاراً مثراسّياً من الضوء (٣٢). ومهما يكن من شيء فقد انتصر قسطنطين في واقعة جسر ملفيوس وهلك مكسنتيوس هو وآلاف من جنوده في نهر التيبر، ودخل القائد الظافر روما وحبته المدينة وأصبح سيِّد الغرب بلا مُنازع.

وتقابل قسطنطين وليسنيوس في ميلان في أوائل عام ٣١٣ لينسقا حكمهما: وأراد أولهما أن يجعل تأييده للمسيحيين عاماً يشمل الولايات جميعها، فأصدر هو وليسنيوس "مرسوم ميلان" يؤكدان فيه التسامح الديني الذي أعلنه جليريروس ووسعا نطاقه حتى شمل الأديان كلها، ويأمران بأن يعاد إلى المسيحيين ما انتزع من أملاكهم في أثناء الاضطهاد الأخير. وعاد قسطنطين للدفاع عن غالة بعد هذا الإعلان التاريخي الذي كان في واقع الأمر اعترافاً بهزيمة الوثنية؛ واتجه ليسنيوس نحو الشرق ليكيل الضربات إلى مكسمينس (٣١٣). كلن مكسمينس مات بعد قليل من ذلك الوقت. فأصبح قسطنطين وليسنيوس حاكمي الإمبراطوريّة لا ينازعهما فيها منازع وتزوج ليسنيوس أخت قسطنطين، واختبط الشعب الذي ملّ الحروب بمخايل السلام البادية في الأفق.

ولكن كلا الحاكمين لم يفارقه قط أمله في أن يكون صاحب السيادة وحده على الدولة جميعها؛ ووصل العداء المتزايد بينهما في ٣١٣ إلى امتشاق الحسام، فغزا قسطنطين باثونيا، وهُزم لينسيوس، واضطر إلى أن يسلم له جميع أملاك الدولة الرومانية في أوربا ما عدا تراقية. وانتقم ليسنيوس من المسيحيين المؤيدين لقسطنطين بالعودة إلى اضطهادهم في آسية ومصر؛ فطرد المسيحيين من قصره في نقوميديا، وحتم على كل جندي أن يعبد الآلهة الوثنية، وحرم اجتماع الرجال والنساء في أثناء العبادات المسيحية، ثم حرم آخر الأمر