ورأى ألريك الثاني بداية هذا التيار الجارف، وحاول أن يصده بالكلام المعسول، فدعا كلوفيس إلى الاجتماع به، واجتمعا بالفعل في أمبواز Amboise وعقدا ميثاق الصداقة الدائمة، ولكن ألريك قبض على جماعة من الأساقفة أتباع الدين الأصيل بعد عودته إلى طولوز. لتآمرهم مع الفرنجة، فدعا كلوفيس جمعيته الحربية وخطبها قائلاً:"يعز على نفسي أرى هؤلاء الأريوسيين يمتلكون جزءاً من غالة، فلنخرج لطردهم منها بمعونة الله"(٤٧).
ودافع ألريك عن نفسه بكل ما وسعه الدفاع ومعه شعب منقسم على نفسه؛ ولكنه هزم في فوييه Vouill (القريبة من بواتييه (٥٠٧). وقتله كلوفيس بيده. "وبعد أن قضى فصل الشتاء في بردو"، كما يقول جريجوري التوري Gregory Of Tours واستولى على جميع كنوز ألريك التي كانت في طولوز، زحف لحصار أبحوليم Angoul (me. ومنّ الله عليه بفضله فتساقطت أسوار المدينة من تلقاء نفسها". وها نحن أولاء نرى منذ ذلك الزمن (٤٨) نغمة المؤرخ الإخباري التي بها العصور الوسطى. وكان سجيبرت الشيخ ملك الفرنجة الربواريين حليفاً لكلوفس من زمن بعيد. والآن أوحى كلوفيس إلى سديبرت بالميزات التي ينالها بعد موت أبيه. فقتل الابن والده وأرسل كلوفيس إلى القاتل شعائر الود والصداقة ومعها عماله ليقتلوه. فلما تم ذلك لكلوفيس زحف على كولوني وأقنع زعماء الربواريين بأن يرتضوه ملكاً عليهم. ويقول جريجوري في ذلك "وجعل الله أعداءه يخرون في كل يوم صرعى تحت قدميه … لأنه كان يسير أمام الله بقلب سليم، ولأنه كان يفعل ما تقر به عين الله" (٤٩).
وسرعان ما اعتنق الأريوسيون المغلوبون المذهب الصحيح، وسمح لقساوستهم أن يحتفظوا بمناصبهم الدينية بعد أن تخلوا عن الفارق بين المذهبين وهو فارق ليس ذا شأن كبير. ونقل كلوفيس عاصمته إلى باريس وسار إليها مثقلاً بالأسرى والعبيد، والدعوات الصالحات، ومات فيها بعد أربع سنين في سن الخامسة