خيل إلى أهلها أنها لن تموت أبداً. لكنه سرعان ما نقص الخاضعون له فلم يتعدوا أهل مملكة صغيرة آخذة في النقصان. ذلك أن الشرقيين الخارجين على الدين والذين أذاقهم هذا أشد العذاب قد فتحوا صدورهم للمسلمين وكانوا أكثر رخاء في ظل القرآن منهم في ظل هذا القانون. وأغفلت إيطاليا تحت حكم اللمبارد، وغلاة تحت حكم الفرنجة وإنجلترا تحت حكم الأنجليسكسون، وأسبانيا تحت حكم القوط الغربيين، أغفلت هذه البلاد كلها أوامر جستنيان. لكن هذا القانون بالرغم من هذا كله، ظل بضعة أجيال يبسط النظام والأمن على خليط من الشعوب، وبفضله استطاع الناس أن يجتازوا حدود كثير من الأمم وينتقلون في شوارع مدنها وهم أكثر أمناً وأعظم حرية مما يستمتع به الذين ينتقلون في ذلك الإقليم نفسه في هذه الأيام. ولقد ظل هو قانون الإمبراطورية إلى آخر أيامها، ولقد أحيا سنته مسترعو بولونيا بعد خمسة قرون من اختفائه في الغرب. وعمل به الأباطرة والبابوات، وسرى في نظم كثير من الدول الحديثة، فكان هو الهيكل الذي قام عليه نظامها.