للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرخام الملون كما يفعل المصريون واليونان والرومان من قبله أما السطوح الأخرى فكان يستخدم فيها مكعبات من الزجاج أو الميناء من جميع الألوان ومختلف الحجوم، ولكن سطحها في العادة كان يبلغ ١ slash ٨ بوصة مربعة. وكانت الحجارة الثمينة تختلط أحياناً بالمكعبات، وكثيراً ما كانت الفسيفساء تستخدم في صنع الصور الصغيرة والنصمات (١) التي توضع في الكنائس أو البيوت. أو تحمل في الأسفار عوناً لأصحابها على الزمن ودليلاً على التقي والخشوع. غير أن صانع الفسيفساء كان يفضل على هذه الصور الصغرى مجالاً أوسع هو جدران الكنائس والقصور. فكان في مرسمه يجرب وضع المكعبات على قطعة من الخيش عليها رسم ملون. وهنا كان يجهد عبقريته الفنية ليضع تحت يده الألوان المدرجة الذائبة بعضها في بعض كما يجب أن يراها الناظر من بعيد. وفي هذه الأثناء كانت طبقة من الأسمنت الغليظ، ثم طبقة أخرى من الأسمنت الرقيق توضعان على السطح المراد تغطيته. ثم يأتي صانع الفسيفساء ويضغط مكعباته في هذا القالب على غرار النموذج الذي وضعه لنفسه فوق الخيش، وقد جرت عادته على أن يضع حافاتها المقطوعة إلى الأمام لكي يقع عليها الضوء. وكان يفضل السطوح المنحنية كسطوح القباب، وأنصاف القباب الشبيهة بالأصداف لأنها تمتص في أوقات مختلفة بزواياها المختلفة أنواعاً عدة من الأضواء المطلة. ومن هذا الفن الشاق الذي يتطلب المهارة والجلد ألهم الفن القوطي في مستقبل الأيام غير قليل من فن تلوين الزجاج.

وقد ورد ذكر هذا الزجاج الملون في النصوص الباقية من لقرن الخامس ولكن شيئاً منه لم يبق حتى الآن، ويبدو أن صبغته كانت من خارجه لم تمزج فيه مزجاً (٤١). وكان صنع الزجاج بالنفخ وتقطيعه قد مضى عليهما الآن ألف عام


(١) النصمة الصورة تعبد وقد ترجمنا بها كلمة Icon. (المترجم)