ونهب إنطاكية، واستولى على آلاف من الأسرى سخرهم للعمل في إيران (٢٦٠). ثم انضم أدناثوس حاكم تدمر إلى روما، فاضطر شابور مرة أخرى إلى الاكتفاء بأن يكون نهر الفرات الحد الفاصل بين أملاك الفرس والرومان.
وخلفه على العرش فيما بين ٢٧٢ و ٣٠٢ ملوك لم يرق أحد منهم إلى ما فوق الدرجة الوسطى من الكفاية. ويأتي بعد هذا هرمزد الثانى (٣٠٢ - ٣٠٩) الذي يشيد التاريخ بحكمه القصير الأجل، والذي بدأ فيه طائفة من الأعمال النافعة وبسط على البلاد لواء السلم والرخاء. وبذل الملك عناية كبيرة فى ترميم الأبنية العامة، والمساكن الخاصة، موجهاً أكبر اهتمامه إلى مساكن الفقراء، وكان ينفق على هذه الأعمال كلها من أموال الدولة. وأنشأ محكمة جديدة خصها بسماع شكاوى الفقراء ضد الأغنياء، وكثيراً ما كان يتولى رياستها بنفسه. ولسنا نعرف هل كانت هذه العادات الغريبة هي التي حرمت ابنه من وراثة العرش؛ وسواء كان ذلك أو لم يكن فقد حدث على أثر وفاة هورمزد أن زج النبلاء بابنه في السجن، وأعطوا الملك لابنه الذي لم يولد بعد، ولقبوه في ثقة واطمئنان بشابور الثاني، وأرادوا ألا يتركوا في الأمر مجالا للشك فتوجوا الجنين بأن علقوا التاج الملكي على رحم أمه (٣٨).
وبهذه البداية الطيبة حكم شابور الثاني أطول حكم في تاريخ آسية (٣٠٩ - ٣٧٩). وقد درب منذ طفولته على الفنون الحربية، فقوى جسمه وإرادته، حتى إذا بلغ السادسة عشرة من عمره تولى شؤون الملك ونزل إلى ميدان القتال، فغزا شرقي جزيرة العرب وخرب حوالي عشرين قرية، وقتل آلافاً من الأسرى، وقاد ألفاً غيرهم إلى الأسر في حبال ربطها بجروحهم. وفي عام ٣٣٧ شن الحرب على روما للسيطرة على الطرق التجارية المؤدية إلى بلاد الشرق الأقصى، وواصلها حتى وفاته تقريباً إذا استثنينا فترات من السلم قصيرة. وكان اعتناق روما وأرمينية للدين المسيحي سبباً في ازدياد نيران الحرب شدة على شدتها