الرشاقة أمثال ملهى مرسلس Marcellus، وتؤثر في الناظر إليها بروعتها أكثر مما تبره بجمالها. لكننا لا نستطيع أن نحكم على الجمال الماضي بالخربات القائمة في هذه الأيام.
وليس أعظم ما يستهوي الإنسان من الآثار الساسانية هو قصور اللبن المحطمة بل هو النقوش المحفورة على جوانب الجبال الفارسية. وقد تطورت هذه الأشكال الضخمة من النقوش الأكيمينية، وتراها في بعض الأحيان مجاورة لها في مكان واحد، كان أصحابها قد أرادوا أن يؤكدوا استمرار قوة الفرس وتكافؤ الملوك الساسانيين والأكيمينيين، وأقدم هذه النقوش الساسانية تمثل يطأ بقدمه عدواً مطروحاً على الأرض وربما كان هذا العدو آخر الأرساسيين، وأجمل من هذا نقشي رستم القريب من اصطخر الذي يخلد ذكرى أردشير، وشابور الأول، وبهرام الثاني. وقد صور فيه الملوك كبار الأجسام ولكن أجسامهم كأجسام معظم الملوك والسوقة، يصعب عليها أن تنافس أجسام الحيوانات في رشاقتها وتناسب أعضائها وشبيه بهذا نقشي -رجب، ونقش آخر عند شابور، فيهما صور حجرية قوية لشابور الأول وبهرام الأول والثاني. وفي طاق البستان القريب من كرمنشاه نرى قوسين قائمين على عمودين محفورين حفراً قليل البروز في الصخور، ونقوشاً على وجهي الأقواس من الداخل والخارج تمثل شابور الثاني وكسرى أرويز يصيدان الوحوش. ونرى الفيلة السمينة، والخنازير البرية تبعث الحياة في هذا الحجر الأصم، وقد بذلت في تصوير أوراق الأشجار عناية كبيرة، وحفرت تيجان الأعمدة حفراً جميلاً. ولسنا ننكر أننا لا نرى في هذه النقوش ما نراه في الحركات اليونانية من رشاقة أو في الخطوط اليونانية من يسر ونعومة، وأنا لا نجد فيها حرصاً شديداً على الفردية، ولا عناية بفن المنظور، كما أنها ليس فيها إلا القليل من مجاراة النماذج المألوفة؛ ولكنها مع هذا لا تقل عن معظم النقوش الكبرى في روما الإمبراطورية عظمة وفخامة، وقوة وحيوية ورجولة.