للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخسوف والكسوف، وعينوا مسارات الكواكب، وكانوا أول من ميز النجوم الثوابت من الكواكب السيارة تمييزاً دقيقاً (١)، وحددوا تاريخ الانقلابين الشتائي والصيفي، وتاريخي الاعتدالين الربيعي والخريفي؛ وساروا على النهج الذي سبقهم إليه السومريون فقسموا دائرة فلك البروج (أي مسار الأرض حول الشمس) إلى الأبراج الاثنى عشر. وبعد أن قسموا الدائرة إلى ٣٦٠ درجة عادوا فقسموا الدرجة إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية (١٥٢). وكانوا يقدرون الزمن بالساعة المائية والمزولة، واكبر الظن أنهم لم يعملوا على ترقية هاتين الآلتين فحسب بل إنهم اخترعوهما اختراعاً (١٥٣).

وقسموا السنة إلى اثني عشر شهراً قمرياً، منها ستة في كل منها ثلاثون يوماً والستة الأخرى في كل منها تسعة وعشرون. ولما كان مجموع أيامهما على هذا الحساب لا يبلغ إلا ٣٥٤ يوماً فإنهم كانوا يضيفون في بعض السنين شهراً آخر لكي يتفق تقويمهم مع الفصول. وقسموا الشهر إلى أربعة أسابيع تتفق مع أوجه القمر الأربعة. وحاولوا أن يتخذوا لهم تقويماً أسهل من هذا بأن قسموا الشهر إلى ستة أسابيع كل منها خمسة أيام؛ ولكن ثبت بعد إذ أن ُوجد القمر أقوى أثراً من رغبات الناس، وبقي التقسيم الأول كما كان. ولم يكونوا يحسبون اليوم من منتصف الليلة إلى منتصف الليلة التي تليها، بل كان عندهم من شروق القمر (٢) إلى شروقه التالي (١٥٤)، وقسموا هذه المدة إلى اثنتي عشرة ساعة، في كل ساعة منها ثلاثون دقيقة، وبذلك كان طول الدقيقة البابلية أربعة أضعاف ما قد يوحي إلينا اسمها. إذن فتقسيم الشهر عندنا إلى أربعة أسابيع، وتقسيم أوجه ساعاتنا


(١) كان البابليون يفرقون بين الكوكب والنجم الثابت برصد حركات الكوكب و"تجواله". ويعرف علم الفلك الحديث الكوكب بأنه جرم سماوي يدور بانتظام حول الشمس.
(٢) هكذا في الأصل ولعل المؤلف يريد من شروق الشمس إلى شروقها، وذلك لأن شروق القمر يتأخر في كل ليلة عن سابقتها بنحو ٥٢ دقيقة ويجعل طول الساعة مختلفاً في كل ليلة عنه في الأخرى. (المترجم).