للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنو النجار، وبنو عمر بن عوف، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وإن ذمة الله واحدة، وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا مناصرين عليهم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود وبينهم مواليهم وأنفسهم، وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم (١).

وسرعان ما قبلت هذا جميع قبائل اليهود في المدينة وما حولها قبيلة بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع.

وهاجرت إلى المدينة مائتا أسرة من مكة فنشأت فيها من جراء هذه الهجرة مشكلة الحصول على ما يكفي أهلها من الطعام وحل محمد هذه المشكلة كما يحلها كل الأقوام الجياع بالحصول على الطعام أنى وجد. ومن ذلك أنه أمر أتباعه بالإغارة على القوافل المارة بالمدينة، متبعاً في ذلك ما كانت تتبعه معظم القبائل العربية في ذلك الوقت (٢). فلما كللت هذه الغارات بالنصر أعطى المغيرين أربعة أخماس الغنائم، واحتفظ بالخمس الباقي للأعمال الدينية والخيرية، وكان نصيب من استشهد في هذه الغزوات من حق أرملته، أما هو فكان جزاءه الجنة. وكثرت الغزوات، وتضاعف عدد المشتركين فيها، وارتاع لها تجار مكة الذين كانت حياتهم الاقتصادية تعتمد على سلامة قوافلهم، فأخذوا يدبرون أمر الانتقام من محمد والمسلمين. وكان من هذه الغارات واحدة حدثت في آخر يوم من شهر رجب أحد


(١) هذا عهد له أثره الكبير ومظهره العظيم، ولم يعقده الرسول مع اليهود فحسب بل هو كما يذكر ابن إسحق كتاب كتبه الرسول بين المهاجرين والأنصار وفيه وادع اليهود وعاهدهم وأقرهم على ذمتهم وأموالهم وقد ذكره ابن هشام في سيرته على طوله. (ي)
(٢) لقد كانت الإغارة على قوافل قريش المارة بالمدينة عملاً يراد به الدفاع عن الإسلام واسترداد لبعض ما اغتصبه أهل مكة من أموال المسلمين الذين هاجروا منها. (ي)