للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء، وقرة عيني في الصلاة" (١) ولقد كانت بعض زوجاته من أعمال البر والرحمة بالأرامل الفقيرات اللاتي توفي عنهن أتباعه أو أصدقاؤه، وكان بعضها زيجات دبلوماسية كزواجه بحفصة بنت عمر الذي أراد به أن يوثق صلته بأبيها، وكزواجه من ابنة أبي سفيان ليكسب بذلك صداقة عدوه القديم. وربما كان الدافع إلى بعضها أمله في أن يكون له ولد، وهو أمل حرم منه زمناً طويلاً. وكانت زوجاته كلهن ما عدا خديجة عقيمات، وكان هذا موضع السخرية بين أعدائه، ولم يبقَ من أبنائه الذين رزقهم من خديجة إلا فاطمة. وقد رُزق من مارية القبطية التي أهداها إليه نجاشي الحبشة، بولد اغتبط النبي بمولده أشد الاغتباط، ولكن إبراهيم مات بعد خمسة عشر شهراً من مولده.

وكثيراً ما ضايقه نساؤه بمنازعتهن، وغيرتهن، ومطالبهن، ولكنه أبى أن يجيبهن إلى مطالبهن الكثيرة، ووعدهن بالجنة، وقضى بعض الوقت يعدل بينهم فيقضي ليلة عند كل واحدة منهن، ذلك أن سيد بلاد العرب كلها لم يكن يملك بيتاً خاصاً له، غير أن عائشة قد استأثرت بأكبر من حقها من عنايته (٢)، فغضبت لذلك زوجاته الأخريات حتى نزلت الآية: "تُرجي مَنْ تشاءُ منهنّ وتُؤي إليك مَنْ تَشاء، ومَنْ ابتغيتَ ِممَنْ عزلتَ فلا جُناحَ عليكَ ذلِكَ أدنى أن تَقرَ أعينهنَّ ولا يحزنَّ ويرضينَّ بما آتيتهنَّ كلهنَّ والله يَعْلَم ما في قلوبكم، وكان الله عليماً حليماً".

وكانت حياة النبي فيما عدا النساء والسلطان غاية في البساطة، فقد كانت


(١) تكلم في شأن هذا كثير من رجال الحديث. "راجع كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" للمحدث إسماعيل بن محمد العجلوني.
(٢) لقد كان الرسول يعدل بين زوجاتهِ جميعاً فيما يملك، أما ميل القلب فشيء لا يملكه ومن المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفضل السيدة عائشة عن سائر نسائه ما عدا السيدة خديجة. (ي)