للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العشرة بين الزوجين بالمعروف فإن العشرة إن ساءت وأصبح من الخير لهما الانفصال كان ذلك بالطلاق برضاء الزوجين بلا مقابل أو بمقابل. (ي) @، فإن النبي لم يكن يشجع عليهِ ويروى عنه أنه قال إن "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". هذا إلى أن القرآن نفسه يحض على عدم قطع العلاقة الزوجية إلا بعد أن تُبذل الجهود للإصلاح بين الزوجين "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما" (سورة النساء ٣٥). ولا يصبح الطلاق نهائياً إلا بعد صدوره ثلاث مرات بين كل واحدة والأخرى شهر على الأقل (١) ولكي يُرغم الزوج على أن يطيل التفكير في أيمان الطلاق قبل صدورها، فإن الإسلام لا يبيح بعد ذلك للرجل أن يرد مطلقته إلى عصمته إلا إذا تزوجت من رجل آخر ثم طُلقت منه. ولا يباح للزوج أن يقرب زوجته في المحيض وليس ذلك لأنها "نجسة" في ذلك الوقت، وإن كان يطلب إليها أن تتطهر بعده قبل أن يقربها زوجها. والنساء حرثٌ للرجال ومن الواجب على الرجل أن ينجب أبناء، وينبغي للزوجة أن تقر للزوج بتفوقهِ عليها في الزكاء، ومن ثم أن تكون له عليها القوامة وحق الطاعة، فإذا عصت كان له أن يهجرها ويضربها (سورة النساء ٣٤) والمرأة التي تتوفى وزوجها راضٍ عنها تدخل الجنة (٢).

لكن ما فقدته النساء من حقوق قد نلن أكثر منه بفصاحة لسانهن، ورقة قلوبهن، ومفاتنهن، شأنهن في هذا شأن النساء في العالم كله. وقد حدث مرة أن لام عمر بن الخطاب زوجته لأنها كلمته بلهجة رأى فيها شيئاً من قلة الاحترام، فما كان منها إلا أن أكدت له أن هذه هي اللهجة التي تخاطب بها ابنته حفصة وغيرها من أزواج النبي رسول الله. فذهب عمر من فوره ولام على ذلك حفصة وزوجة أخرى من أزواج النبي. فقيل له إن هذا ليس من شأنهِ وخرج عمر غاضباً. وسمع النبي بهذا فأثار ضحكه. وكان النزاع يقوم في بعض الأحيان بين النبي وبين أزواجه كما يحدث عند غيره من المسلمين، ولكنه كان على الدوام يعزهن، ويظهر لهن ولغيرهن من النساء المسلمات ما يليق بهن من عواطف طيبة. ويروى عنه أنه قال إن المرأة الصالحة أثمن شيء في العالم. ويذكر الله الناس في القرآن مرتين بأن أمهاتهم حملنهم كرهاً ووضعنهم كرهاً وأرضعنهم أربعة وعشرين أو ثلاثين شهراً ((٣)، ويروى عن النبي أنه قال: "الجنة تحت أقدام الأمهات".


(١) الطلاق يكون نهائياً ولو كان مرة واحدة، وانقضت عدة المرأة، ويكون أيضاً نهائياً بعد الطلقة الثالثة كذلك إلا أنه في هذه الحال لا يكون للزوج أن يرد إليه مطلقته ثلاثاً إلا بعقد جديد بعد أن تكون قد تزوجت بآخر ودخل بها وانقضت عدتها. (ي)
(٢) دخول الجنة مشروط بفضل الله تعالى، والعمل الصالح، وقيام المرء بما عليه من حقوق لله ولبني الإنسان، ومن هؤلاء بلا ريب حق الزوج على زوجته، وليس معنى هذا أن الزوجة التي تتوفى وزوجها راضٍ عنها تدخل الجنة وإن لم تقم بما عليها من واجبات أخرى. (ي)
(٣) يقول جل جلاله في سورة البقرة: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة": ويقول في سورة الأحقاف: "ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً، وحمله وفصاله ثلاثون شهراً"، والفصال هنا معناه الرضاع. (ي)