وظلت تلك البلاد خاضعة بالاسم إلى سلطان الخلفاء من عام ٦٤٢ م إلى عام ١٠٤٦، ولكنها كانت طوال هذه المدة صاحبة السيادة على نفسها مستمسكة بمسيحيتها. وأقامت أسرة البرجتوني Bagrtuni في القرن التاسع الميلادي أسرة حاكمة اتخذت رئيسها لقب "أمير الأمراء"، وأنشأت لها عاصمة في آني Ani، وظلت البلاد في عهدها أجيالاً عدة تنعم بالتقدم والسلام النسبي وكان أشوت Ashot الثالث (٩٥٢ - ٩٧٧) أميراً محبوباً، شاد كثيراً من الكنائس، والمستشفيات والأديرة، والملاجئ، ولم يكن يجلس للطعام (كما يقول الرواة) إلا إذا كان الفقراء معه على مائدته. وبلغ رخاء البلاد غايته في عهد ابنه جاجيك Gegik الأول (وما اغرب ما تبدو أسماؤنا نحن للأرمن)، فقد كثرت فيها المدارس، وأثرت المدن بفضل انتشار التجارة، وازدانت بأعمال الفن، وأصبحت قارص مركزاً للأدب وعلوم الدين والفلسفة تنافس فيها آني. وكان في هذه المدينة الثانية قصور فخمة، وكنيسة كبرى (حوالي عام ٩٨٠)، جمعت بين الطرازين الفارسي والبيزنطي؛ فكان فيها مجاميع من العمد والأكتاف، والعقود المستديرة والمستدقة في أعاليها، إلى غير هذه من الخصائص التي دخلت فيما بعد في الفن القوطي، ولما أن دمر زلزال قبة أيا صوفيا بالقسطنطينية في عام ٩٨٩ عهد إمبراطور بيزنطية إلى تاردات Tardat مهندس كنيسة آني أن أعيد بناؤها، وكان ذلك واجباً من أشق الواجبات وأعظمها خطورة (٣٢).