(ولعلهم من الحيثيين أو من قبائل تمت بصلة إلى قبائل نيتاتي)؛ ومن الكرد سكان الجبال الآتين من القفقاس (٣). وأخذ هؤلاء كلهم لغتهم المشتركة وفنونهم من سومر، ولكنهم صاغوها فيما بعد صياغة جديدة جعلتها لا تكاد تفترق في شيء عن لغة أرض بابل وفنونها. بيد أن ظروفهم الخاصة باعدت بينهم وبين النعيم المخنث الذي انحدر إليه البابليون (٤)؛ ولذلك ظلوا طوال عهدهم شعبا محاربا مفتول العضلات، ثابت الجنان، غزير الشعر، كث اللحى، معتدل القامة، يبدو رجاله في آثارهم عابسين، ثقيلي الظل، يطئون بأقدامهم الضخمة عالم البحر الأبيض المتوسط الشرقي. وتاريخهم هو تاريخ الملوك والرقيق، والحروب والفتوح، والانتصارات الدموية والهزائم المفاجئة. واغتنم ملوكهم- الكهنة الأوائل- وكانوا أقيالا خاضعين لأهل الجنوب- سيطرة الكاشيين على بابل فاستقلوا عنها؛ ولم يمض إلا القليل حتى ازدان أحدهم باللقب الذي ظل ملوك أشور يتباهون به طول عهدهم وهو "الملك صاحب الحكم الشامل". ويبرز أمامنا من بين هؤلاء الأقيال الخاملي الذكر أفراد تهدينا أعمالهم إلى معرفة السبيل التي سلكتها بلادهم في نمائها وتطورها (١)
فبينما كانت بلاد بابل تتخبط في ظلمات حكم الكاشيين ضم سلمانصر الأول دويلات المدن الشمالية تحت حكمه، واتخذ الكلخ عاصمة له. على أن أول الأسماء العظيمة في تاريخ أشور هو اسم تغلث فلاصر الأول. كان هذا الملك صيادا ماهرا؛ وإذا كان من الحكمة أن نصدق أقوال الملوك فإنه قد قتل وهو راجل مائة وعشرين أسدا، وقتل وهو في عربته ثمانمائة (٥)، وجاء في نقش خطه كاتب أكثر ملكية من الملك نفسه- إنه كان يصيد الأمم والحيوانات على
(١) وقد وجدت من عهد قريب في خرائب مكتبة سرجون الثاني لوحة تحتوي ثبتا متصلا لا ثغرة فيه بأسماء الملوك الآشوريين من الأسرة الثالثة والعشرين قبل الميلاد إلى أشور نيرارى (٧٥٣ - ٧٤٦ ق. م.