التكلف والصناعة اللفظية، والمحسنات، وهو مثقل بالتشبيهات والاستعارات مفعم بالعبارات الدالة على الكبرياء والغرور. أما موضوعه فهو الحب الشهواني والعذري، وقد استبق الشعراء في أسبانيا وفي الشرق الإسلامي أساليب شعراء الغزل في عه الفروسية Toubadors، وطرقهم وفلسفتهم (٧٦).
وسنختار من هذا العدد الجم نماً واحداً لامعاً هو سعيد ابن جودي ابن صاحب الشرطة بقرطبة (١). كان سعيد جندياً مقداماً كثير العشق، يتصف بجميع الصفات التي تجعله في نظر المسلمين سميذعاً أي سيداً كاملاً بحق: فقد كان سخياً، شجاعاً، فارساً بارعاً، بهي الطلعة، فصيح اللسان، شاعراً ممتازاً، قوي الجسم، يجيد فنون المصارعة والمثاقفة بالسيف، والرمح، والرمي بالقوس (٧٧). ولم يكن يدري قي أي وقت من الأوقات أيهما احب إليه-الحب أو الحرب. وكان يتأثر بلمس المرأة مهما ضعف، ولذلك افتتن بكثيرات من النساء كان حب كل واحدة منهن يبشر بحب دائم لا ينقطع. وكان حبه كحب شعراء عهد الفروسية الشعراء الجوالين الغزالين أشد ما يكون حين تندر رؤية الحبيب. وكانت أعظم قصائده الغزلية قصيدة ووجهها إلى جيجان التي لم ير منها إلا يدها الصغيرة الناصعة البياض. وكان أبقورياً صريحاً يشعر بأن على رجال الأخلاق يقع عبء البرهنة على أن السعادة ليست هي اللذة. ومن أقواله في هذا المعنى:
(١) اسمه الكامل سعيد بن سليمان بن جودي، وترجمته في كتاب الحلة السيراء لابن الأبار طبعة دوزي ص ٨٣ وما بعدها. ومن قوله في جيجان: سمعي أبي أن يكون الروح في بدني، فاعتاض قلبي منه لوعة الحزن. أعطيت جيجان روحي عن تذكرها، هذا ولم أرها يوماً ولم ترني. كأنني واسمها والدمع منسكب، من مقلتي راهب صلى إلى وثن. ويقال إنه نظر إلى جارية فاعتراها الخجل وأطرقت بعينها فقال: أمائلة الألحاظ عني إلى الأرض، أهذا الذي تبدين ويحك عن بغض. فإن كان بغضاً لست والله أهله، ووجهي بذاك اللحظ أولى من الأرض (المترجم).