كتاب قصة الحضارة

الحياة اليهودية في البلاد المسيحية - ٣ - الأخلاق - ج: 14 - ص: 72

رجاؤهن (٩٩). ولم تكن البنات يرسلن إلى المدارس؛ فقد كان العلم مهما قل يعد بالنسبة إليهن أمراً شديد الخطورة. على أنهن رغم هذا كن يسمح لهن بأن يدرسن في بيوهن؛ فنحن نسمع عن عدد من النساء يلقين محاضرات عامة في الشريعة-وإن كانت صاحبة المحاضرة تستتر أحياناً عن المستمعين (١٠٠). ولكن المرأة اليهودية الجديرة بالتكريم والإخلاص، كانت تلقي بعد زواجها كل ما هي خليقة به منهما رغم ما كان يحيط بها من إجحاف مادي وقانوني، وقد نقل يهوذا بن موسى بن تيبون Tibbon عن حكيم مسلم قوله: "لا يكرم النساء إلا الكريم، ولا يحقرهن إلا الحقير (١٠١) ".

وكانت صلات الأب بأبنائه أقرب إلى الكمال من الصلات الزوجية. فقد كان اليهودي بما عرف عن الرجل الساذج العمادي من كبرياء، يفخر بأبنائه وبقدرته على إنجاب الأبناء. وكان يقسم أغلظ إيمانه بأن يضع يده على خصيتي من يتلقى منه اليمين، ومن هنا اشتقت كلمة testimony الأوربية (١)، ومعناها الشهادة أو البيّنة أو الشاهد نفسه. وكان كل رجل يؤمر بأن يكون له طفلان على الأقل، وكان له في العادة أكثر من اثنين. وكان الطفل يلقى الإجلال الذي يليق بزائر قدم من السماء، ومن مَلَك تجسد، وكان الأب يلقى من التبجيل ما كان يجعله رسولاً من عند الله، فكان الولد يقف في حضرة أبيه حتى يأمره بالجلوس، ويطيعه طاعة جزعة قلقة تتناسب مع كبرياء الشباب. وكان الولد أثناء الاحتفال بالختان يكرس إلى يهوه بمقتضى عهد أبراهام، وكانت كل أسرة تشعر بأن تعد واحداً من أبنائها على الأقل ليتولى المناصب الدينية. وكان الولد، إذا بلغ الثالثة عشرة من عمره، يدخل ميدان الرجولة، ويفرض عليه كل ما تفرضه الشريعة على الرجال، ويحدث ذلك في حفل رهيب يثبت فيه هذا ويؤكد

---

(١) من كلمة Testes ومعناها الخصيتان. (المترجم)