للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مواطن اليهود في أوربا الشمالية. وكان يهود ألمانيا قد اضطلعوا بدور رئيسي في إنماء تجارة نهر الرين وانتهجوا خطة حميدة من الصلاح وضبط النفس أكسبتهم احترام المسيحيين عامتهم ورجال دينهم على السواء. وكان الأسقف رودجر الأسبيري R (diger of Speyer ذات صلة وثيقة بيهود أبرشيته، وقطع لهم عهداً يضمن لهم استقلالهم وسلامتهم، وأصدر الإمبراطور هنري الرابع في عام ١٠٩٥ عهداً مماثلاً لهذا العهد لجميع اليهود المقيمين في مملكته (١٤٣)، لذلك وقعت أنباء الحرب الصليبية، والطريق الذي قررت إتباعه، وتهديدات زعائمها، وقع الصاعقة على تلك الجماعات اليهودية الآمنة المسالمة، فتملكهم الرعب حتى شل تفكيرهم، ودعا أحبارهم إلى الصوم والصلاة عدة أيام.

ولما وصل الصليبيون إلى أسبير جروا أحد عشر يهودياً إلى إحدى الكنائس وأمروهم أن يقبلوا التعميد، فلما أبوا قتلوهم عن آخرها (٣ مايو سنة ١٠٩٦)، ولجأ غيرهم من يهود المدينة إلى الأسقف جوهنسن Johannsen، فلم يكتف هذا الأسقف بحمايتهم، بل أمر بقتل عدد من الصليبيين الذي اشتركوا في مقتله الكنيسة. ولما اقترب بعض الصليبيين من تريير Trier استغاث من فيها من اليهود بالأسقف إجلبرت Egilbert، فعرض عليهم أن يحميهم على شريطة أن يعمدوا، ورضى معظم اليهود بهذا الشرط، ولكن بعض النساء قتلن أطفالهن وألقين بأنفسهن في نهر الموزل Moselle (أول يونية سنة ١٠٩٦). وفي مينز خبأ روتارد Ruthard كبير الأساقفة ١٣٠٠ يهودي في سراديبه، ولكن الصليبيين اقتحموها عليهم وقتلوا منهم ١٠١٤، واستطاع الأسقف أن ينقذ عدداً قليلاً منهم بإخفائهم في الكنيسة الكبرى (٢٧ مايو سنة ١٠٩٦)، وقبل التعميد أربعة من يهود مينز، خبأ المسيحيون اليهود في منازلهم، وأحرق الغوغاء الحي اليهودي، وقتلوا من وقع في أيديهم من اليهود القلائل، فما كان من الأسقف هرمان