للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من أوائل علماء الهيئة اليهود في بلاد الإسلام العالم ما شاء الله (المتوفى حوالي عام ٨١٥). وقد ترجم جيرار القريموني Gerard of Cremona كتابه في الفلك من العربية إلى اللاتينية واستقبل أحسن استقبال في العالم المسيحي. ورسالته في الأثمان هي أقدم مؤلف علمي موجود الآن باللغة العربية. وكانت أعظم رسالة في العوم الرياضية في ذلك العصر (٢٢) هي رسالة أبراهام بن حيا البرشلوني (١٠٦٥ - ١١٣٦) في الجبر، والهندسة، وحساب المثلثات وهي المعروفة باسم هيورها مشيحه. وقد ألف أيضاً موسوعة مفقودة في علوم الرياضة، والهيئة، والبصريات، والموسيقى، كما ألف في التقويم أقدم رسالة باللغة العبرية باقية إلى الآن. ولم يجد أبراهام ابن عزرا، في الجيل التالي، تعارضاً بين كتابه الشعر، والتبحر في التحليل التركيبي. وكان أبراهام هذا وذاك أول من كتب من اليهود رسائل علمية باللغة العبرية لا العربية. وبفضل هذه الكتب، وفيض من الكتب الأخرى التي ترجمت من العربية إلى العبرية غزت العلوم والفلسفة الإسلامية المجتمعات اليهودية في أوربا ووسعت نطاق حياتها الذهنية إلى ما وراء المعارف الدينية الخالصة.

وأفاد يهود ذلك العهد إلى حد ما من علوم المسلمين الطبيعية، وإن كانوا قد عادوا أيضاً إلى تقاليدهم القديمة الخاصة بفن العلاج، فكتبوا عدة رسائل قيمة في الطب، وأصبحوا هم أعظم الأطباء إجلالاً في أوربا المسيحية. ولقد ذاعت شهرة اسحق إسرائيلي (٨٥٥ - ٩٥٥؟) في طب العيون بمصر ذيوعاً عين بسببه الطبيب الخاص للأغالبة في القيروان. وكانت مؤلفاته الطبية، بعد أن ترجمت من العربية غلى العبرية واللاتينية، تعد أهم المراجع الطبية في أوربا بأجمعها؛ وكانت تستعمل كتباً للدراسة في سالرنو، وباريس، ونقل عنها بيرتن Burton، بعد حياة دامت سبعمائة عام، فيما كتبه عن تشريح السوداء (١٦٢١). وتصف الروايات المتواترة اسحق بأنه لم يكن يأبه بالمال، وبأنه عازب عنيد في