عام ١٠٠٠)، أو صور داود في كتاب التراتيل المحفوظ بباريس (حوالي عام ٩٠٠). نعم إن هذه الصور لا تراعي فن المنظور، ولا تعني بإبراز الأشكال بطريق الضوء والظل، ولكنها تعوض هذا بالتلوين القوي البراق، وبالخيال الحي، وبالعلم الحديث بأصول التشريح البشري والحيواني، وبالعدد الجم المؤتلف من الوحش والطير، والنبات والزهر، تتخلل القديسين والأرباب، وبالفساقي، والعقود والإيوانات-فيها طيور تنقر الفاكهة، ودببة ترقص، ووعول وعجول تتشابك قرونها في النضال، وفهد يرفع ساقه الخبيثة ليمثل بها الحرف الأول من جملة دينية (٣١).
ولقد عرف صانعو الفخار البيزنطيون من زمن بعيد فن التطعيم بالميناء، وذلك بأن يضعوا على الطين المحروق والقاعد المعدني أكسيداً معدنياً إذا أدخل النار امتزج بالقاعد وأكسبه بريقاً ووقاية. وكان هذا الفن قد وصل من الشرق إلى بلاد اليونان القديمة، حيث اختفى في القرن الثالث قبل الميلاد، ثم عاد إلى الظهور في القرن الثالث بعده. وكانت هذه الفترة البيزنطية الوسطى غنية بأعمال الميناء من رصائع للصور، ومن صور للقديسين، وصلبان، ومن علب لحفظ المخلفات، وأكواب، وكؤوس للقرابين، وجلود كتب، وزينات للسروج وغيرها من العدد. وقد أخذت بيزنطية من فارس الساسانية منذ ذلك العهد البعيد وهو القرن السادس فن الميناء المقسم: وذلك بأن تصب العجينة الملونة في السطح المقسم إلى مساحات محاطة بأسلاك رفيعة أو قطع رقيقة من المعدن؛ وهذه الحواجز الملتحمة بقاعدة معدنية تكون النقش الزخرفي. ومن أعظم الأمثلة لفن الميناء المقسم وأوسعها شهرة علبة لحفظ المخلفات صنعت (حوالي عام ٩٤٥) لقسطنطين برفيروجنتس محفوظة الآن في لمبورج Lemburg وهي بيزنطية بنوع خاص في دقة صنعها وفي أمانة صانعها، وفي نقوشها الزخرفية الموفورة.
وليس ثمة من الفنون تغلب عليه الصبغة الدينية أكثر مما تغلب على الفن