والمجر، والمسلمين على السواحل الأوربية نزعة التخصص في أساليب الحياة ووسائل للدفاع وبدائية الفكر والكلام. وكانت ألماني وأوربا الشرقية ملتقى تيارات متعارضة من الهجمات، واسكنديناوة معششاً للقراصنة، وبريطانيا تجتاحها قبائل الإنكليز، والسكسون، والجوت، والدنمرقيين، وغالة يهاجمها الفرنجة، والرومان، والبرغنديون، والقوط، وأسبانيا يتنازعها القوط الغربيون والمسلمون، وكانت إيطاليا قد حطمتها الحروب الطوال التي دارت رحاها بين القوط والبيزنطيين، وظلت البلاد التي وهبت نصف العالم الأمن والنظام تعاني خمسة قرون طوال مساوئ الانحلال في الأخلاق والاقتصاد، وأنظمة الحكم.
ومع هذا فإن شارلمان، وألفرد Alfred، وأتو الأول قد وهبوا فرنسا، وإنجلترا وألمانيا فترات من النظام، وكانوا حافزاً على لسير إلى الأمام، وأحيت إرجينا Erigena موت الفلسفة، وجدد ألكوين Alcuin وغيره نشاط التعليم، وأدخل جريرت Gerbert علوم المسلمين إلى بلاد المسيحية وأصلح ليو التاسع وجريجوري السابع نظم الكنيسة وبعثا فيها القوة، ونشأ في فن العمارة طراز الزخرف الروماني، وبدأت أوربا في القرن الحادي عشر رقيها البطيء إلى ما وصلت إليه في القرنين الثاني عشر والثالث عشر أي إلى أعظم ما بلغته في العصور الوسطى بأجمعها.