على كرمونا Gemona ومنتوا Manlua؛ وفي ٦٤٠ على جنوا. وانتزع ليوتبراند Liutprand أعظم ملوكهم (٧١٢ - ٧٤٤) رافنا في شرقي إيطاليا، واسبوليتو Spoleto في وسطها، وبنفنتو في جنوبها، وكان يطمح إلى جميع كلمة إيطاليا كلها تحت سلطانه. غير أن البابا جريجوري الثالث لم يكن يرضى أن تصبح البابوية أبرشية لمباردية؛ فاستغاث بالبنادقة الذين لم يخضعوا للمبارد، وأعاد هؤلاء رافنا إلى بيزنطية. ولم ير ليوتبراند بُدّاً من أن يقنع بحكم شمالي إيطاليا ووسطها أصبح حكم منّ عليهما منذ أيان ثيودريك القوطي، وكان هو مثل ثيودريك يجهل القراءة والكتابة (٥).
وأنشأ اللمبارد حضارة خطت في مدارج الرقي. وكانوا يختارون ملكهم، وكان هذا يستشير في شئون الحكم مجلساً من الأعيان، ويعرض شرائعه عادة على جمعية شعبية مؤلفة من جميع الذكور الذين بلغوا سن الخدمة العسكرية. ونشر مليكهم راثاي Rathari (٦٤٣) كتاب قوانين جمعت بين البدائية والتقدمية: فكانت تبيح أداء الدية المالية جزاء للقتل، وأرادت أن تحمي الفقراء من الأغنياء، وكانت تسخر من السحر والشعوذة، وتبيح حرية العبادة للكاثوليك، والأريوسيين، والوثنيين على السواء (٦). وامتص الدم الإيطالي الغزاة الألمان عن طريق الزواج، واتخذوا اللسان اللاتيني لغة لهم وترك اللمبارد آثارهم في أماكن متفرقة: في العيون الزرقاء، والشعر الأشقر، وفي قليل من الكلمات التيوتونية في اللغة الإيطالية. ولما أن خبت حدة الفتوح واستقر القانون، عادت التجارة- وهي العمل الطبيعي في وادي نهر البو- سيرتها الأولى، ولم يكد ينتهي عصر اللمبارد حتى أثرت مدائن شمال إيطاليا وقويت واستعدت لتلقي الفنون وخوض الحرب عندما بلغت ذروتها في العصور الوسطى. أما الأدب فكانت سوقه راكدة، فلم يبق الدهر من أدب ذلك العصر وتلك الدولة إلا كتاباً واحداً ذا شأن-هو كتاب تاريخ اللمبارد لبولس الشماس (حوالي عام ٧٤٨)،