للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أوربا في أثناء العصور الوسطى وصدرت مراسيم مماثلة لهذا المرسوم تمنح غيرها من المدن الأسبانية هذا الحكم الذاتي نفسه، وأكبر الظن أن الغرض من إصدارها هو إثارة حماستها وكسب أموالها في الحروب القائمة مع المسلمين، وبذلك قامت دمقراطية حضرية محدودة في وسط النظام الإقطاعي الأسباني، وتحت سلطان الملكية الأسبانية.

ويشهد تاريخ ردريجو (راي) دياز Diaz (Ruy) Roderigo بما كانت عليه أسبانيا المسيحية في القرن الحادي عشر من بسالة، وفروسية، وفوضى. وردريجو لهذا يعرف عندنا باللقب الذي حباه به المسلمون وهو السيد أي الرجل النبيل أو الشريف أكثر مما يعرف بلقبه المسيحي وهو الكمبيدور El Campaedor أي المهاجم أو البطل. وكان في مولده في بيفار Bivar بالقرب من برغوس Burgos حوالي عام ١٠٤٠، ونشأ نشأة المغامرين المحاربين، يقاتل أينما وجد سبباً للقتال يدر المال. ولم يكد يبلغ سن الثلاثين حتى صار موضع إعجاب أهل قشتالة لمهارته وجرأته في القتال، وموضع ريبتهم لاستعداده أن يحارب المسلمين في صف المسيحيين أو يحارب المسيحيين في صف المسلمين؛ ويبدو أن هذا وذاك كانا عنده سواء. وأرسله ألفنسو السادس ملك قشتالة ليأتي بالجزية المستحقة له من المعتمد ابن عباد الشاعر أمير أشبيلية؛ ولكنه اتهم عند عودته بأنه احتفظ ببعض هذه الجزية لنفسه. فنفي من قشتالة (١٠٨١) وانضم إلى قطّاع الطرق، ونظم جيشاً صغيراً من الجنود المغامرين، وباع خدماته إلى من يشتريها من الحكام المسيحيين والمسلمين فقد ظل ثماني سنين في خدمة أمير سرقسطة ووسَّع رقعة أملاك المسلمين على حساب أرغونة. وفي عام ١٠٨٩ قاد سبعة آلاف من الرجال معظمهم من المسلمين، واستولى على بلنسية وأرغمها على أداء جزية شهرية، مقدارها عشرة آلاف دينار ذهبي. وفي عام ١٠٩٠ قبض على كونت برشلونة، ولم يطلقه إلا بعد أن افتدى بثمانين ألف دينار. ولما وجد بعد رجوعه من تلك