وبينا كان المسلمون يهاجمون روما استولى أهل الشمال على فريزيا في عام ٨٤٦ وأحرقوا دوردرخت Dordreeht، ونهبوا ليموج Limoges. ثم حاصروا بوردو Berdeaux في عام ٨٤٧، ولكنهم ردوا عنها وأعادوا الكرة عليها في عام ٨٤٨، واستولوا عليها في هذه المرة، ونهبوها، وقتلوا أهلها، وأحرقوها عن آخرها. وفي العالم الذي تلاه وجهوا مثل هذه الضربات إلى بوفيه Beauvais وبايو Bayeux، وسانت لو St، Lu، ومو Meaux، وإيفرو Evreux، وتور Tours وفي وسعنا أن نصور ما حل بهذه البلاد من رعب إذا قلنا أن تور نهبت في أعوام ٨٥٣، و ٨٥٦، و ٨٦٢، ٨٧٢، و ٨٨٦، و ٩٠٣، ٩١٩ (٤٥)، وإن باريس نهبت في عامي ٨٥٦، و ٨٦١، وأحرقت في عام ٨٦٥. وجهز الأساقفة في أورليان وشارتر Chartres جيشين صدوا بهما المغيرين (٨٥٥)؛ ولكن القراصنة الدنمرقيين خربوا أورليان في عام ٨٥٦. وفي عام ٨٥٩ اخترق أسطول شمال مضيق جبل طارق ودخل البحر المتوسط، ونهب المدن الواقعة على ضفاف الرون من مصبه حتى مدينة فالنس Valence شمالاً، ثم عبر خليج جنوا، ونهب بيزا وغيرها من المدن الإيطالية. ولما قاومتهم قلاع النبلاء الحصينة في أماكن متفرقة في طريقهم نهبوا أو أتلفوا كنوز الكنائس والأديرة غير المحمية، وكثيراً ما أحرقوها بما فيها من مكتبات، ولم ينج القساوسة والرهبان من القتل في بعض الأحيان. وكان الناس في تلك الأيام الحالكة يدعون ربهم في صلواتهم قائلين:"اللهم أنقذنا من شر أهل الشمال"(٤٦)! وكأنما كان المسلمون على موعد مع الشماليين فاستولوا على قورسقة وسردينية في عام ٨١٠، ونهبوا ساحل الرفييرا الفرنسي في عام ٨٢٠، وخربوا أرل Arles في ٨٤٢، واستولوا على ساحل فرنسا الواقع على البحر المتوسط وبقى في أيديهم حتى عام ٩٧٢.
ترى ماذا كان يفعل الملوك والأشراف خلال هذه الأعوام الخمسين