الصباح تذكر الأغنية، وأعاد غناءها؛ ولهذا أخذ يحاول قرض الشعر ونظم سفري التكوين، والخروج، والأناجيل شعراً "صاغه" كما يقول بيد "بألفاظ عذبة تأخذ بمجامع القلوب". ولم يبق من هذه الأشعار كلها إلا أبيات قليلة ترجمها بيد إلى اللغة اللاتينية. وبعد عام من ذلك الوقت حاول سينولف Cynewuif (ولد حوالي عام ٧٥٠) وهو شاعر مغن في بلاط نورثمبرلاند أن يخرج هذه الرواية إلى حيز الوجود بأنه ينظم عدة قصص دينية مختلفة-"المسيح" و "أندرياس Andreas" و "يوليانا"، ولكن هذه القصص تبدو، إذا ما قورنت بقصة بيولف المعاصر لها، ميتة لا حياة فيها لكثرة ما بها من الصناعة والمحسنات اللفظية.
ويجيء النثر الأدبي في جميع الآداب بعد الشعر في الترتيب الزمني، لأن العقل ينضج قبل أن تتفتح أزهار الخيال، مع أن الناس ينطقون بالنثر قروناً "وهم لا يعرفون" قبل أن يتسع لهم وقتهم أو يمكنهم غرورهم من أن يصوغوه فناً من الفنون. وأوضح شخصية في نثر إنجلترا الأدبي هي شخصية ألفرد، فتراجمه ومقدماته يضفي عليها الإخلاص والبساطة كثيراً من البلاغة، وهو الذي بذل من الجهد في نشر "ملف الأسقف Bishop's Roll" الذي كان محفوظاً عند قساوسة كنيسة ونشستر، فاستحال على يديه أقوى وأوضح أقسام السجل الأنجليسكسوني أول كتاب قيم في النثر الإنجليزي. وليس ببعيد أن يكون معلمه أسر Asser هو الذي كتب الجزء الأكبر من حياة ألفرد، أو لعل هذه السيرة قد جمعت فيما بعد (حوالي عام ٩٧٤)؛ ومهما من يكن من شأنها فهي مثل من أقدم الأمثلة على استعداد الإنجليز باللغة اللاتينية في الكتب التاريخية والدينية، على حين أن "القارة" الأوربية التي كانت لا تزال تستحي من أن تكتب هذه المؤلفات الكريمة باللغة "العامية".
ولقد وجد الناس بين مشاغل الشعر والحرب من النشاط والوقت ما يمكنهم