الشعراء هم عرّافي شعبهم ومؤرخيه ومستشاري ملوكه فحسب، بل كانوا إلى ذلك شعراؤه. وقد خلد الزمان اسمين اثنين من هؤلاء الشعراء هما تليزن Talesin وأنورين Aneurin؛ وقد عاش كلاهما في القرن السادس الميلادي. وكان هناك مئات غيرهما، وعبرت القصص التي نسجوا بردها القناة الإنجليزية إلى بريطاني، ووصلت في صورة مصقولة إلى فرنسا. وكون هؤلاء المنشدون طبقة من الشعراء الدينيين، لم يكن يسمع لأحد أن ينتمي إليها إلا بعد مران صارم دقيق في معارفه. وكان كل من يريد الدخول في زمرتهم يسمى مابينوج Mabinog، وكان الموضوعات التي يرسها تسمى مابينوجي Mobinogi، ولهذا أطلق اسم مابينوجيون Mabinogion على ما بقي من قصصهم (٣١). ولا ترجع هذه القصص في صورتها الحالية إلى ما قبل القرن الرابع عشر، ولكن أغلب الظن أنها ترجع إلى ذلك الوقت الذي لم تكن فيه المسيحية قد دخلت بلاد ويلز. وهي قصص بدائية ساذجة ذات نزعة وثنية تشهد بأن الأهلين كانوا من عباد الطبيعة، مليئة بالحيوانات الغربية والحادثات المدهشة، يسودها جو نكد من النفي، والهزيمة، والموت؛ ولكنها ذات مزاج رقيق بعيد كل البعد عن الشهوانية والعنف اللذين نشهدهما في قصص الإدا Eddas الأيسلندية Icelandic ن والساجا Sagas خرافات أهل الشمال، والنيبيلنجليد Nibelungelied. وقد نشأ في عزلة جبال ويلز أدب خيالي يفيض بالولاء للأمة، والإخلاص فيما بعد لعيسى ومريم. وكان لهذا الأدب شأن في نشأة الفروسية، والقصص العجيبة التي تتحدث عن الملك آرثر Arthur وفرسانه العشاق البواسل الذين أقسموا أن يقضوا على الوثنيين ويقيموا دين المسيح".
ودخلت المسيحية ويلز في القرن السادس، وما لبثت بعد دخولها أن افتتحت المدارس في الأديرة والكنائس. وقد جاء الأسقف العالم أسر الذي كان أمين سر الملك ألفرد وكاتب سيرته من مدينة سانت دافد وكنيسته في مقاطعة بمبروك