للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصليبية الأولى مخالفاً بذلك نصيحة مانويل. وتخبط الألمان في سيرهم على الرغم من مرشديهم، أو لعل ذلك كان بفعل مرشديهم، فاجتازوا بطاحاً بعد بطاح خالية من موارد الطعام، ووقعوا في كمين بعد كمين نصبه لهم المسلمون، ودب في قلوبهم اليأس لكثرة من هلك منهم. والتقى جيش كنراد عند دورليوم، حيث هزمت الحملة الأولى جيش قلج أرسلان، بقوة المسلمين الرئيسية، ومني فيها بهزيمة ساحقة، لم ينج فيها من جيش المسيحيين أكثر من واحد من كل عشرة. وخدع الجيش الفرنسي الذي كان متأخراً وراء الألمان بمسافة طويلة بما جاءه من أخبار عن انتصار الألمان، فتقدم في غير حذر، وقضي على الكثيرين من رجاله الجوع وهجمات المسلمين. ولما وصل إلى أضاليا أخذ لويس يساوم رؤساء بحارة السفن اليونانية على نقل جيشه بطريق البحر إلى طرسوس أو إنطاكية المسيحيتين، وطالب أولئك الرؤساء بأجور باهظة عن كل شخص تحمله السفن، فقبل لويس وطائفة من النبلاء، وإليانور، وسرب من السيدات الانتقال، وتركوا بقية الجيش الفرنسي في أضاليا، وانقضت جيوش المسلمين على المدينة وقتلوا كل من فيها تقريباً من الجنود الفرنسيين (١١٤٨).

ووصل لويس إلى بيت المقدس ومعه النساء وليس معه جيش، كما وصل إليها كنراد بفلول الجيش الذي غادر به راتسبون. وحشد الملكان من هذه الفلول وممن كان في العاصمة من الجنود جيشاً مرتجلاً، وزحفا به على دمشق؛ وكانت قيادته موزعة بين كنراد، ولويس، وبولدوين الثالث (١١٤٣ - ١١٦٢). وشجر النزاع في أثناء الحصار بين النبلاء على الطائفة التي تحكم المدينة بعد سقوطها، وتسرب عمال المسلمين إلى الجيش المسيحي، ورشوا بعض الزعماء بالمال فجعلوهم يقعدون بلا عمل أو ينسحبون من الميدان (٢٧). ولما أن ترامت الأنباء بأن أميري حلب والموصل يزحفان بجيش كبير لفك الحصار عن دمشق تغلب دعادة الانسحاب، فانقسم الجيش المسيحي إلى جماعات قليلة فرت إلى إنطاكية أو عكا، أو بيت