رأياً أقل صرامة من هذا، لأنه أشار في عام ١٢٠٦ بأن "يعهد ببائنة الزوجة في بعض الحالات إلى تاجر من التجار" لكي تحصل منها على دخل بطريق الكسب الشريف" (٦٤). غير أن جريجوري التاسع عاد إلى القول بأن الربا هو كل ما يناله الإنسان من كسب نظير قرض (٦٥)، وظل هذا الرأي قانون الكنيسة الرومانية حتى عام ١٩١٧.
وكانت ثروة الكنيسة في الأرض لا في التجارة، فقد كانت تزدري التجار كما يزدريهم سادة الإقطاع، أما الأرض والعمل (وتدخل فيه الإدارة) فكان يبدو لها أنهما وحدهما مصدر كل الثروة وكل القيم، وكانت تنظر بعين السخط إلى سلطان طبقة التجار وثرائها المتزايدين لأن هذه الطبقة لم تكن تميل إلى الملاك الإقطاعيين ولا إلى الكنيسة؛ وقد ظلت قروناً طوالاً تظن أن جميع المرابين يهود، وترى من حقها أن تبدي سخطها على الشروط الصارمة التي يفرضها المرابون على الهيئات والمعاهد الدينية التي تحتاج إلى المال. ويمكن القول بوجه عام إن ما بذلته الكنيسة من جهود للإشراف على طرق الكسب كان عملاً مقروناً بالشجاعة يهدف إلى تثبيت قواعد الأخلاق المسيحية، ويسمو على ما كان يدنس الحياة والشرائع اليونانية والرومانية من سجن المدين أو استرقاقه، ولسنا واثقين من أن الناس في هذه الأيام أسعد حالاً مما عساهم أن يكونوا لو عملوا برأي الكنيسة في الربا.
وظل تشريع الحكومات زمناً طويلاً يؤيد موقف الكنيسة في هذه الناحية، وكانت المحاكم المدنية نفسها تحرم الربا (٦٦)، ولكن تبين أن حاجات التجارة أقوى أثراً من خشية السجن أو الجحيم. ذلك أن اتساع نطاق التجارة والصناعة تطلب استخدام المال المتعطل في المشروعات النشيطة، ووجدت الدول في أثناء الحرب أو الأزمات الطارئة أن الاقتراض أيسر من فرض الضرائب؛ وكانت النقابات تقرض المال وتقرضه بالربا، وكان الملاك الذين يرغبون