إغفاله. وحاولت الكنيسة أن تجد حلاً للمسألة بتشجيعها القديس برنردينو الفلتري St. Bernardino وغيره من رجال الدين على أن ينشئوا ابتداء من عام ١٢٥١ ما يسمى "تلال الحب" - montes pietattis- حيث كان في وسع المحتاجين الموثوق بأمانتهم أن يحصلوا على قروض من غير فائدة إذا أودعوا شيئاً لهذا القرض. ولكن هذه "التلال" التي كانت متقدمة لمحال الرهون الحاضرة لم تعالج إلا جانباً صغيراً من المشكلة، وبقيت حاجات التجارة والصناعة كما كانت من قبل، ووجدت رؤوس الأموال للوفاء بهذه الحاجات.
وكان المرابون المحترفون يتقاضون فوائد باهضة، ولم يكن هذا لأنهم شياطين لا ضمير لهم، بل كان سببه أنهم يتعرضون لخسارة مالهم وفقد حياتهم؛ ذلك أنهم لم يكن في مقدورهم على الدوام أن يلزموا مدينيهم بأن يوفوا بالتزاماتهم بالتجائهم إلى القانون، وكانت مكاسبهم عرضة لأن يستولي عليها الملوك أو الأباطرة، وكانوا معرضين في أي وقت من الأوقات لخطر النفي من البلاد، وكانوا في كل حين مكروهين ملعونين. وما أكثر القروض التي لم ترد لأصحابها؛ وما أكثر المدينين الذين ماتوا مفلسين، أو انضموا إلى جيوش الصليبيين، وأعفوا من أداء الفوائد، ثم لم يعودوا منها أبداً. وإذا عجز المدينون عن الوفاء، لم يكن في وسع الدائنين إلا أن يرفعوا سعر الفائدة على الديون الأخرى؛ إذ ينبغي أن تتحمل الديون الرابحة خسائر الديون الخاسرة كما تتحمل أثمان السلع التي تستريها نفقات السلع التي تتلف قبل بيعها. وكان السعر في فرنسا وإنجلترا في القرن الثاني عشر يتراوح بين ٣٣% و ٤٣% (٧٧)، وكان يبلغ في بعض الأحيان ٨٦%؛ وقد انخفض في إيطاليا في عهد الرخاء إلى ١٢. ٥% والى ٢٠% (٧٨). وحاول فردريك الثاني حوالي عام ١٢٤٠ أن يخفض هذا السعر