للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنهم كانوا يعيشون في الريف (إلا في إيطاليا)، ويحتقرون سكان المدن، ويخرجون من طبقتهم كل من تزوج من أفراد الطبقة الوسطى، ولا يشكون في أن حكم الأشراف لا بديل منه، إلا حكم رجال الأعمال الأثرياء، أو رجال الدين أصحاب الأساطير، أو رجال الحرب الطغاة.

وكان التجار الأغنياء يبرمون من غطرسة الأشراف، ويحتقرون ويستغلون طبقة الصناع، ويقيمون في بيوت مزخرفة، ويبتاعون الأثاث الجميل، ويتغذون بالأطعمة المجلوبة من خارج البلاد، ويلبسون الثياب الغالية. وكانت نساؤهم يغطين أجسامهن الكبيرة بالحرير والفراء والمخمل والجواهر؛ وكان مما آلم جين النافارية Jenne of Navarre ملكة فرنسا وحز في نفسها أن وجدت ستمائة من نساء الطبقة الثالثة في بروج قد خرجن من هذا لاستقبالها في ثياب لا تقل فخامة عن ثيابها هي. وشكا الأشراف من هذا وأخذوا يطالبون بأن تسن القوانين لوقف تيار هذا التظاهر الوقح؛ وسنت من حين إلى حين قوانين لهذا الغرض، ولكن الملوك كانوا في حاجة إلى تأييد هذه الطبقة والى أموالها، ولهذا لم تنفذ هذه القوانين إلا في أوقات قليلة متفرقة.

وأفادت الطبقة الجديدة المالكة للعقار في المدن فائدة كبيرة من زيادة عامرها، ويسر لها التعطل الناشئ من هذه الزيادة المسيطرة على طبقة العمال اليدويين. ذلك أن صعاليك المدن من الخدم، وتلاميذ الصناعة، وعمال المياومة لم يكن لهم إلا حظ قليل من التربية، ولم يكن لهم شيء من القوة السياسية، وكانوا يعيشون في درجة من الفاقة أشد في بعض الأحيان مما كان يعانيه أرقاء الأرض. فقد كان أجر عامل المياومة في إنجلترا في القرن الثالث عشر نحو بنسين في اليوم- وتعادل القيمة الشرائية لهذا الأجر حوالي دولارين من نقد الولايات المتحدة الأمريكية في عام ١٩٤٨؛ وكان التجار يتقاضى أربعة بنسات وثمن بنس في اليوم (٤. ١٢ دولارات) والبناء ٣ دولارات، والمهندس المعماري اثني عشر بنساً