وفرضت طبقة جديدة على الدنمرقيين الذين حلوا محل الإنجليز والسكسون، الذين غلبوا البريطانيين الرومان، الذين فرضوا سيادتهم على الكلت (١)؛ وكان لابد أن تمر عدة قرون قبل أن يثبت الأنجليسكسون والكلت وجودهم في الدم البريطاني واللغة البريطانية؛ وكان بين النورمان والدنمرقيين أواشج قربى، ولكنهم في المائة السنين التي جاءت بعد رولو Rollo أصبحوا فرنسيين، فلما نزلوا بإنجلترا أصبحت عاداتها الرسمية ولغتها الرسمية عادات ولغة فرنسية، وظلت كذلك ثلاثة قرون. وجاء مع الفاتحين من فرنسا إلى إنجلترا نظام الإقطاع بكل ما فيه من زينة الخيول، وفروسية، وعلامات الدروع ونقوشها، والمفردات التي تعبر عنها. وفرض رق الأرض على إنجلترا فرضاً كاملاً قاسياً إلى حد لم تعرفه من قبل في تاريخها (٣٢)، وكان المرابون اليهود الذين جاءوا مع وليم حافزاً جديداً للتجارة والصناعة؛ ونشاـ من الاتصال الوثيق بين إنجلترا والقارة الأوربية أفكار جديدة في الأدب والفن، وبلغ فن العمارة النورماني ذروة مجده في بريطانيا؛ وجاء الأشراف الجدد بعادات جديدة وأخلاق جديدة، وحيوية جديدة، وبنظام زراعي خير مما كان في البلاد من قبل. وحسن الأشراف والأساقفة النورمان النظام الإداري للدولة تحسيناً كبيراً فقد أصبح الحكم مركزياً، ووحدت الدولة وإن لم يكن هذا التوحيد قد تم عن طريق الحكم المطلق، وأصبحت الحياة والأموال أكثر أمناً من ذي قبل، وأقبلت إنجلترا على عهد طويل من السلام الداخلي لم تغز بعده أبداً غزواً ناجحاً.
(١) أبقينا هذا التكرار في اسم الموصول وصلته مجاراة للأصل الإنجليزي لأنه مقصود بذاته. المترجم