بعد طلاقها أن يتزوج بإزبلا أميرة أنجوليم Isabella of Anguleme رغم أنها كانت مخطوبة لكونت لوزنيان Lusignan. وغضب الأشراف في كلا البلدين لهذا العمل واستنجد الكونت بفليب ليأخذ له بحقه. واحتج في الوقت نفسه بارونات أنجو، وتورين، وبواتو Poitou، ومين لدى فيليب قائلين إن جون يستبد بأقاليمهم. وكانت فروض الطاعة الإقطاعية التي ترجع إلى عهد تسليم نورمندية إلى رولو تقضي بأن يعترف الأعيان الإقطاعيون في فرنسا، حتى في المقاطعات التي تملكها إنجلترا، بملك فرنسا سيداً إقطاعياً عليهم؛ وكان جون حسب قانون الإقطاع، بوصفه دوق نورمندية، تابعاً لملك فرنسا، وأمر فليب تابعة الملكي بالقدوم إلى باريس، ليبرئ نفسه من عدة تهم وادعاءات، وأبى جون أن يطيع الأمر، فقضت محكمة الإقطاع الفرنسية بمصادرة أملاكه في فرنسا، ومنحت نورمندية، وأنجو، وبواتو لآرثر كونت بريطاني Briltany وحفيد هنري الثاني. وطالب آرثر بعرش إنجلترا، وحشد لذلك جيشاً، وحاصر الملكة إليانور في ميرابو Mirabeau، فقادت الملكة بنفسها، وهي في الثمانين من عمرها، قوة للدفاع عن ولدها المشاكس. وأنقذها جون من عدوها، وقبض على آرثر، ويبدو أنه أمر بقتله، فما كان من فليب إلا أن غزا نورمندية، وكان جون وقتئذ يقضي شهر العسل في رون وفي شغل شاغل عن قيادة جنده، فمنوا بالهزيمة. وفرّ جون إلى إنجلترا، وانتقلت نورمندية، ومين، وأنجو، وتورين إلى التاج الفرنسي.
وبذل البابا إنوسنت الثالث، ولم يكن على وئام مع فليب، كل ما في وسعه لمساعدة جون، ثم دب النزاع بينه وبين جون. وكان سبب هذا النزع أنه على أثر وفاة هيوبرت ولتر (١٢٠٥) حمل الملك كبار الرهبان في كنتربري على أن يختاروا جون ده جراي John de Gray، أسقف نوروك Norwich للمنصب الشاغر، ولكن طائفة من الرهبان الشبان اختارت رجنلد Reginald نائب رئيس ديرهم ليكون كبيراً للأساقفة. وأسرع المرشحان المتنافسان إلى رومة يطلب كل منهما تأييد البابا؛ ولكن إنوسنت رفض أن يؤيدهما جميعاً، وعين في المنصب الشاغر استيفن لانجتن Stephen Langton، وهو مطران إنجليزي قضى الخمس والعشرين سنة الأخيرة مقيماً في باريس، وكان وقت اختياره أستاذاً للاهوت في جامعتها. واحتج جون على هذا الاختيار وقال إن لانجتن لم يكن لديه ما يؤهله لأن يشغل أكبر منصب ديني في إنجلترا، وهو منصب يجمع بين الوظائف السياسية والدينية. وتجاهل إنوسنت احتجاج جون، ودشن استيفن كبيراً لأساقفة كنتربري (١٢٠٧) في فيتربو Viterpo من أعمال إيطاليا. وتحدى جون لانجتن بأن يطأ بقدمه أرض إنجلترا، وأنذر رهبان كنتربري العصاة بحرق الأديرة فوق رؤوسهم، وأقسم "بأسنان الله" بأن ينفي كل قس كاثوليكي من إنجلترا إذا أصدر البابا قراراً بحرمانها، ويسمل أعين بعضهم ويجدع أنوفهم جزاء وفاقاً لهم على فعل رئيسهم. وأصدر البابا قرار الحرمان (١٢٠٨)، وامتنعت كل الخدمات الدينية في إنجلترا ما عدا التعميد والمسح وقت الوفاة. وأغلق القساوسة الكنائس، وسكنت الأجراس، ودفن الموتى في أرض لم تدشن. ورد جون على هذه الأعمال بمصادرة جميع أملاك الكنائس والأديرة وأعطاها لغير رجال الدين؛ وحرم إنوسنت الملك من حظيرة المسيحية، ولكن جون لم يعبأ بقرار الحرمان، وانتصر في عدة وقائع حربية أيرلندة، واسكتلندة، وويلز. ووجفت قلوب الشعب هلعاً من قرار الحرمان، ولكن الأشراف رضوا بانتهاب أملاك الكنيسة لأن ذلك الانتهاب يحول نهم الملك إلى حين عن أملاكهم هم.
واختال جون عجباً بانتصاره المؤقت، وأساء إلى الكثيرين بتطرفه وعنته؛ فقد هجر زوجته الثانية ليلد أطفالاً غير شرعيين من عشيقات مستهترات، وزج اليهود في السجن لينتزع منهم أموالهم، وترك بعض المطارنة السجناء