ووضعوا منذ عام ١١٠٠ - أي قبل إنجلترا بمائتي عام- نظاماً عاماً للمقاييس والموازين يعمل به في جميع المدن.
لكن حرب الطبقات قضت في آخر الأمر على حرية المدن وحرية حكامها الأشراف. والسبب في ذلك أن صعاليك المدن زاد عديدهم، واشتد غضبهم وسلطانهم، وأن الحكام الأشراف انضموا إليهم ليناهضوا بهم الطبقة الوسطى الغنية المغترة بنفسها؛ فلجأ التجار إلى فليب أغسطس يطلبون إليه المعونة، فوعدهم بها يرجو بذلك أن يخضع فلاندرز إلى التاج الفرنسي خضوعاً أتم من ذي قبل. وكانت إنجلترا تحرص على أن تبقى أهم سوق تصرف فيها صوفها بعيدة عن سيطرة ملك فرنسا، فعقدت حلفاً مع حكام فلاندرز، مع هينولت Hainault دوق برابانت Brabant وأتو الرابع Otto IV إمبراطور ألمانيا. وهزم فليب جيوش هذا الحلف عند بوفين (١٢١٤)، وأخضع حكام فلاندرز، وحمى النظام الألجركي للتجار. ولم ينقطع نزاع السلطات والطبقات بعد هذه الهزيمة؛ حتى إذا كان عام ١٢٩٧ تحالف الكونت جي ده دمبيير Guy de Dampierre مرة أخرى مع فلاندرز وإنجلترا؛ فما كان من فليب الجميل إلا أن غزا فلاندرز، وزج جي في السجن، وأرغمه على تسليم البلاد إلى فرنسا. فلما أن زحف الجيش الفرنسي لاحتلال بروج، ثار العامة عليه، وهزموا الجنود، وذبحوا أغنياء التجار، واستولوا على المدينة. وبعث فليب بجيش قوي ليغسل هذه الإهانة التي لحقته؛ وألف عمال المدن من أنفسهم جيشاً مرتجلاً عاجلاً هزموا به الفرسان والجنود المرتزقة التي بعثت بها فرنسا في معركة كورتريه (١٣٠٢)؛ واخرج جي ده دمبيير الشيخ من سجنه وأعيد إلى منصبه، واستمتع الحلف العجيب بين الحكام الأشراف والصعاليك الثوار بالنصر عشر سنين.
وظلت البلاد المعروفة لنا الآن باسم هولندة جزءاً من مملكة الفرنجة من القرن الثالث حتى التاسع؛ ثم أصبحت في عام ٨٤٣ هي الطرف الشمالي