دولاب حكومته وموظفيه. ولما توفيت زوجته الثانية تزوج بإزبلا الإنجليزية عام ١٢٣٥؛ ولكن إزبلا الإنجليزية لم يكن في مقدورها أن تفهم عقليته أو أخلاقه، فآثرت الانزواء وتركت فردريك يستمتع بعشيقاته حتى ولد له ابن غير شرعي. وكان أعداؤه يتهمونه بأنه أنشأ لنفسه "حريماً"، كما اتهمه جريجوري التاسع باللواط (٣٦)؛ ورد فردريك على ذلك بقوله إنه يحتفظ بجميع أولئك النساء البيض والسود، والغلمان لبراعتهم في الغناء، والرقص، والألعاب البهلوانية، أو غيرها من ضروب التسلية المعتادة في بلاط الملوك. وكان يحتفظ فضلاً عن هذا كله بحديقة للحيوان البري، وكان يسافر أحياناً وفي صحبته عدد من الفهود، والوشق، والآساد، والنمورة الرقطاء، والقردة، والدببة، مسلوكة في السلاسل يقودها عبيد من المسلمين. وكان فردريك مولعاً باقتناص الحيوان وصيد الحيوان بالصقورة، وجمع الطيور الغريبة، وقد كتب لابنه مانفرد Manfred رسالة علمية في الصيد بالبزاة جديرة بالإعجاب.
وكان أعظم ما يستمتع به بعد الصيد هو الحديث الظريف المهذب - delico parlare، فكان يفضل التقاء العقول الحصيفة على المبارزة بالسلاح، وكان هو نفسه أعظم المحدثين ثقافة في أيامه، وقد اشتهر بفكاهته وسرعة بديهيته، وكان هو فلتير نفسه (٣٧). وكان يتحدث بتسع لغات ويكتب سبعاً منها، ويراسل الكامل باللغة العربية، ويقول له في رسائله إنه أعز أصدقائه بعد أولاده، ويكتب باللغة اليونانية إلى جون فانتزس John Vatatzes زوج ابنته وإمبراطور الروم؛ وباللغة اللاتينية إلى العالم الغربي. وكان رفاقه - وبخاصة بيرودلي فجني - يصوغون أسلوبهم اللاتيني البليغ على نمط الكتب الرومانية القديمة؛ لأنهم كانوا يحسون بروح الكتاب الرومان الأقدمين تسري في نفوسهم ويعملون على محاكاة هؤلاء الكتاب، وكادوا يكونون هم الرواد السباقين لكتاب عصر النهضة ذوي النزعة الإنسانية. وكان فردريك نفسه شاعراً، أثنى دانتي