الطبية وبيع العقار. ولم يكن يرى حرجاً في تشريح جثث الموتى، وكان الأطباء المسلمون يعجبون من سعة علمه بالتشريح. أما الفلسفة فحسبنا دليلاً على واسع علمه بها أنه طلب إلى بعض علماء المسلمين أن يفسروا ما بين آراء أرسطو والإسكندر الأفروديسي من تناقض في خلود العالم. ولقد حياه ميخائيل اسكت بقوله:"أيها العاهل المحظوظ، إني لقوي الاعتقاد بأنه لو كان في مقدور رجل ما أن يفر من الموت بعلمه لكنت أنت ذلك الرجل (٣٨) ".
وكان فردريك يخشى أن تضيع بحوث العلماء الذين جمعهم عنده بعد موتهم، فأنشأ في عام ١٢٢٤ جامعة نابلي - وهي أنموذج نادر من جامعات العصور الوسطى، أقيمت من غير حاجة إلى موافقة السلطات الدينية على إنشائها. وقد استدعي إليها علماء متبحرين في جميع الفنون والعلوم، ومنحهم مرتبات عالية، ورتَّب إعانات مالية ليمكن النابهين من الطلاب الفقراء من الدرس. وحرَّم على شباب مملكته أن يخرجوا منها في طلب التعليم العالي؛ وكان يأمل أن تنافس نابلي بعد وقت قصير مدينة بولونيا فتصبح مدرسة كبرى للقانون وتدرّب الناس على أعمال الإدارة العامة.
وبعد فهل كان فردريك ممن ينكرون وجود الله؟ لقد كان في شبابه من الأتقياء الصالحين، ولعله ظل مستمسكاً بالعقائد الأساسية في الديانة المسيحية إلى أيام حربه الصليبية. ثم يبدو أن اتصاله الوثيق بزعماء المسلمين ومفكريهم قضي على عقيدته المسيحية. وقد افتتن بعلوم المسلمين ورآها أسمى قدراً من أفكار المسيحيين ومعارفهم أيامه. ومما يدل على ذلك أنه لما عقد مجمع الأمراء الألمان في فريولي Friuli، (١٢٣٢) استقبل وفداً من المسلمين أحسن استقبال، ثم اشترك على مرأى من الأساقفة والأمراء مع هؤلاء المسلمين في وليمة أقيمت للاحتفال بأحد الأعياد الدينية الإسلامية (٣٩). ويقول عنه ماثيوباريس Matthew Paris: " ويقول أعداء الإمبراطور إنه يوافق على شريعة محمد