أقبل الناس من بعيد لزيارة هذه الحفرة، ونشأت من ذلك شرور ومساوئ مالية اضطرت الباب إسكندر السادس أن يأمر في عام ١٤٩٧ بردمها لأنها من الادعاءات الباطلة (٢٩).
ترى كم من الناس في العالم المسيحي أثناء العصور الوسطى كانوا يصدقون العقائد المسيحية، إننا نسمع عن وجود ملحدين كثيرين، ولكن الكثرة الغالبة من أولئك الملحدين كانت تتمسك بالمبادئ الأساسية للعقائد المسيحية، وقد حدث بمدينة أورليان Orleans في عام ١٠١٧ أن "رجلين من أكرم الناس أباً وأوسعهم علماً" أنكروا عقائد خلق العالم، والتثليث، والجنة، والنار، وقالا إنها كلها مجرد هذيان" (٣٠). ويقول جون السلزبري John of Salisbury في القرن الثاني عشر إنه سمع إنه كثيرين من الناس يتحدثون "أحاديث لا يقبلها الدين"(٣١)، ويقول فلاني Villani إنه كان بمدينة فلورنس في ذلك القرن نفسه جماعة من الأبيقوريين، يسخرون من الله والقديسين، ويطلقون العنان لشهواتهم الجسمية (٣٢). ويحدثنا جرالدس كمبرنسس Giraldus Cambrensis (١١٤٦؟ - ١٢٢٠) عن قس، لا يذكر إسمه، لامه قس آخر على عدم عنايته بالاحتفال بالقداس، فكان رده أن سأل ناقده هل يؤمن هو حقاً باستحالة مادة القربان إلى لحم المسيح ودمه، وبعقيدة التجسد، وبمولد المسيح من مريم العذراء، وبالبعث ـ وزاد على ذلك أن قال: هذا كله قد اخترعه القدماء الماكرون ليرهبوا الناس ويسيطروا عليهم (١)، وإن طائفة من المنافقين يحذون الآن حذوهم (٣٣). وينقل جرلد الويلزي نفسه قول العالم سيمون التورنائي Simon of Tournai (حوالي ١٢٠١) في حسرة وألم: "رباه ياذا الجلال!
(١) يذكرنا هذا بقول أبي العلاء المعري: أفيقوا أفيقوا ياغواة فإنما، دياناتكم مكر من القدماء. أرادوا بها جمع الحطام فألفحوا، وماتوا فبادت سنة اللؤماء. وبغير هذين البيتين من أقواله وقد ورد بعضها في الجزء الثاني من هذا المجلد. (المترجم).