وأخطأ بعض السذج فظنوا أن الغفران يبيح لهم أن يعودوا إلى ارتكاب الذنوب. ولما ضعف التحمس الديني كانت الكفارات القاسية المفروضة على من يتقدمون للتوبة مما يغريهم بالكذب، وأجيز للقساوسة أن يفرضوا على التائبين عقوبات مخففة، كانت في العادة هي التصدق بالمال لغرض ترضية الكنيسة. ونشأت من هذا "التخفيف" صكوك الغفران.
ولم يكن صك الغفران رخصة بإرتكاب الإثم، بل كان إعفاءاً جزئياً أو كلياً من بعض العقاب الذي يستحقه الإنسان جزاءاً له على آثامه الدنيوية، أو من هذا العقاب كله، وهذا الإعفاء تمنحه إياه الكنيسة. وكان الغفران الذي يمنح عند الاعتراف بمحو الخطيئة التي لولاه لأدت بكاسبها إلى الجحيم، ولكنه لم يكن يعفيه من العقاب "الزمني" المترتب على إثمه. وكانت أقلية صغرى من المسيحيين هي التي تكفر عن ذنوبها في هذا العالم تكفيراً تاماً، أما ما بقى من هذا التكفير فيحدث في المطهر. وكانت الكنيسة تدعى لنفسها حق التجاوز عن هذا العقاب، وذلك بأن تنقل إلى أي تائب مسيحي يقوم بأعمال معينة من التقى أو التصدق قسما صغيراً عن كنوز البركة التي تجمعت من تعذيب المسيح وموته، ومن أعمال القديسين الأبرار الذين تزيد حسناتهم عن سيئاتهم. وقد منحت صكوك الغفران منذ القرن التاسع، وأعطى بعضها في القرن الحادي عشر للحجاج الذين يزورون الأضرحة المقدسة، وكان أول صك بالغفران الكلي هو الذي عرضه إريان الثاني في عام ١٠٩٥ على من يشتركون في الحرب الصليبية الأولى. ونشأت من هذه العادات سنة منح صكوك الغفران لمن يتلون أدعية معينة أو يؤدون خدمات دينية خاصة، أو ينشئون القناطر، أو الطرق؛ أو الكنائس أو المستشفيات، أو يقطعون الغابات، أو يجففون المستنقعات، أو يتبرعون بالمال لحرب صليبية أو لهيئة كهنوتية أو لعيد كنسي، أو حرب مسيحية.
واستخدمت هذه السنة في كثير من الأغراض الصالحة، ولكنها فتحت الأبواب