للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجرأة أو الشجاعة على الاحتجاج، ويعترف بأنه هو نفسه قد سكت رأى تجار المخلفات يعرضون على المؤمنين المصدقين "بعض ذلك الخبز عينه الذي مضغه السيد المسيح بأسنانه نفسها"، ذلك "أني لو جادلت المجانين لحق علي القول بأني مجنون" (٨٥). ويضيف إلى ذلك أن في عدد من الكنائس رؤوساً كاملة ليوحنا المعمدان، ويعجب مما كان لهذا القديس من رؤوس كثيرة لا يمكن أن يقطعها قاطع (٨٦). وحرم البابا إسكندر الثالث (١١٧٩) على الأديرة أن تطوف بما عندها من المختلفات لجمع التبرعات، كما حرم مجلس لاتران المنعقد في عام ١٢١٥ عرض المخلفات في خارج الأضرحة (٨٧)، وندد مجلس ليون الثاني (١٢٧٤) بـ "الحط من قدر" المخلفات والصور (٨٨).

ويمكن القول بوجه عام إن ما قامت به الكنيسة لم يكن هو تشجيع الخرافات بل كان أكبر نصيب لها في هذه الناحية هو أنها ورثتها من خيال الناس أو من تقاليد عالم البحر المتوسط. وكان الإيمان بما لبعض المخلفات، والطلاسم، والتمائم، والرقي، من قدرة على الإتيان بالمعجزات عزيزاً على المسيحيين والمسلمين على السواء، وقد ورثوا هذه العقائد من الأديان الوثنية القديمة. وبقيت أشكال قديمة من عبادة عضو التذكير زمناً طويلاً في العصور الوسطى، ولكن الكنيسة ألغتها شيئاً فشيئاً (٨٩) وورثت عبادة الله بوصفه رب الجيوش، وملك الملوك، بعض أساليب التقرب إليه وتعظيمه، ومخاطبته، من الساميين والرومان، وتذكرنا عادة حرق البخور أمام المذبح أو رجال الدين بعادة تقريب القرابين المحروقة، أما عادة الرش بالماء المقدس فكانت صورة قديمة من التعاويذ، وأما المواكب ومراسم التطهير فهي امتداد لشعائر موغلة في القدم، وملابس القساوسة، وتلقيب البابا بالحبر الأعظم Pontifex Maximus تراث من روما الوثنية. ووجدت الكنيسة أن معتنقي المسيحية من أهل الريف لا يزالون يعظمون بعض العيون، والآبار، والأشجار،