ما معهم من الكنوز أمام قبر القديس بطرس، وقد بلغت هذه الكنوز من الكثرة حداً شغل قسيسين ظلا يعملان بالمجارف ليلاً ونهاراً لجمع النقود (١٠٢). وكانت دلائل السياح ترشد الحجاج إلى الطرق التي يسلكونها، والأماكن التي لابد لهم أن يزوروها في طريقهم أو حين يحطون رحالهم. ووسعنا أن نرسم لأنفسنا صورة حقيقية من فرحة الحجاج المتعبين، وقد كساهم العثير، وحين تقع أبصارهم آخر الأمر على المدينة الخالدة، وحين ترتفع عقيرتهم بأغنية الفرحة والحمد التي يتلوها الحجاج:"أي روما النبيلة، يا ملكة هذا العالم كله، ويا خير المدائن كلها، ي ذات اللون الأحمر الياقوتي الذي كستك به دماء الشهداء الوردية، ولكنك كالسوسن النقي بمن فيك من العذارى. إليك نهدي تحياتنا خلال السنين وندعو لك بالخير، ونحييك من خلال القرون! ".
وقد أضافت الكنيسة إلى الخدمات الدينية المختلفة خدمات أخرى أجتماعية، فقد أشعرت الناس بما للعمل من كرامة؛ ومارس رهبانها العمل في الزراعة والصناعة. ووافقت على أن ينتظم العمال في نقابات طائفية، ونظمت نقابات طائفية دينية للإشراف على أعمال الصدقات (١٠٣). وكانت كل كنيسة حرماً مقدساً من حق كل من يطارد أن يلجأ إليها ليجد فيها مقاماً له حتى تهدأ سورة من يطارده ويخضع للإجراءات القانونية، وكان إخراج هؤلاء الرجال من هذا الحرم الأمين تدنيساً له يعاقب من يرتكبه بالطرد من حظيرة الدين. وكانت الكنيسة الصغيرة والكبيرة المركز الاجتماعي في القرية أو المدينة. وكان حرمها المقدس في بعض الأحيان أو الكنيسة نفسها يستخدمان برضاء القساوسة لخزن الحبوب أو الدريس أو النبيذ، كما كانا يستخدمان أيضاً في طحن الحبوب أو عصر الجعة (١٠٤). وفي الكنيسة عمد معظم أهل القرية، وعندها سوف تدفن كثرتهم. أو فيها يجتمع الكبار في أيام الأحد ليتجاذبوا أطراف الحديث أو يتناقشوا في شؤون القرية، ويجتمع الشبان والشابات ليرى بعضهم بعضاً.