فرنسا (٩٩٨) لزواجه من ابنة عمه، تركه جميع رجال حاشيته وجميع خدمه تقريباً، وكان الخادمان اللذان بقيا عنده يلقيان في النار ما يتبقى من طعامه بعد كل وجبة من وجباته، حتى لا تدنسهما هذه البقايا. وكانت الكنيسة في الحالات القصوى تضيف إلى الحرمان عقوبة اللعنة Anathema، وهي عقوبة ذكر فيها بعناية وبأقوى عبارة. وبكل ما تحتويه العبارات القانونية من لغو، كل ما يتصل بهذه العقوبة. وكان آخر ملجأ للكنيسة هو حق البابا في أن يصدر قرار تحريم (Interdict) على أية بقعة من العالم المسيحي- أي أن يمنع إلى أجل جميع الخدمات الدينية أو الكثرة الغالبة منها. وإذا كان الناس في تلك الأيام يشعرون بحاجتهم إلى العشاء الرباني، ويخشون أن توافيهم المنية قبل أن يعفى عن خطاياهم، فقد كان المحروم يضطر عاجلاً أو آجلاً إلى مصالحة الكنيسة. وقد صدرت قرارات بالحرمان من هذا النوع على فرنسا في عام ٩٩٨، وعلى ألمانيا في عام ١١٠٢، وعلى إنجلترا في عام ١٢٠٨، وعلى روما نفسها في عام ١١٥٥.
وكانت كثرة ما صدر من قرارات الحرمان والتحريم سبباً في ضعف أثرهما في القرن الحادي عشر (١٠٥). فقد كان البابوات يصدرون بين الفنية والفنية قرارات لأغراض سياسية، كما حدث حين هدد إنوسنت الثاني مدينة بيزا بإصدار قرار التحريم عليها إذا لم تنضم إلى الجامعة التسكانية (١٠٦). وبلغت قرارات الحرمان بالجملة- للغش في أموال الزكاة التي كانت الكنيسة تتقاضاها من الأهلين- من الكثرة أن أضحت أقسام كثيرة من المجتمع المسيحي محرومة كلها في وقت واحد، ومنها ما لم تكن تعرف أنها محرومة، كما أن منها ما أغفل قرار الحرمان أو سخر منه (١٠٧) ولم يعبأ به. من ذلك أن قرار الحرمان بالجملة صدر على ميلان وبولونيا وفلورنس ثلاث مرات في القرنين الثالث عشر والرابع عشر. وظلت ميلان اثنين وعشرين عاماً تتجاهل القرار الثالث. ويحدثنا الأسقف جوليوم له مير