منها، وقد أغلق أمام أفرادها بوجه عام باب الزواج بعد القرن الحادي عشر، ولكن لدينا شواهد تدل على أن بعض القساوسة اللاتين بعد أيام جريجوري السابع كانوا يتخذون لهم أزواجاً أو خليلات (١١٠)، غير أن هذه الحالات أخذت تقل شيئاً فشيئاً حتى كانت من الحالات الشاذة النادرة (١)، وكان على قس الأسقفية أن يقنع بالمتع الروحية. وإذا كانت حدود الأسقفية تتفق في العادة مع حدود الضيعة أو القرية، فإن مالك الضيعة كان في أغلب الأحوال هو الذي يعين القس (١١١) بالاشتراك مع الأسقف. وقلما كان هذا القس ممن نالوا قسطاً موفوراً من التعليم، وسبب ذلك أن التعليم الجامعي كان وقتئذ كبير النفقة، وأن الكتب كانت نادرة، ولهذا كان يكفيه أن يعرف كيف يقرأ الصلوات والقداس، ويقوم بتقديم العشاء الرباني وتنظيم شؤون العبادة والصدقات في الأسقفية. ولم يكن في كثير من الحالات أكثر من مساعد أو نائب يستأجره قس أكبر منه ليؤدي الخدمات الدينية في الأسقفية نظير ربع دخله من معاشه. وكان في مقدور القس الكبير بهذه الطريقة أن يكون له معاش من أربع
(١) لقد خلقت العزوبة العامة بين الرهبان والقساوسة وراهبات بعد عام ١٢١٥ مشكلة من المشاكل الجنسية. ولربما كانت أوروبا قد قاست بعض الخسارة في القوة الحيوية من جراء امتناع عدد كبير من الأشخاص الأصحاء عن الاضطلاع بواجب الأبوة والأمومة، ولكننا لا نعرف على وجه التحقيق إلى أي حد تورث القدرة العالية على التناسل. وأقرب من هذا البحث إلى الناحية العلمية أثر التفاوت في العدد بين الرجال والنساء الذين لا ينتمون إلى الطبقات الدينية والناشئ من تحريم الزواج على الرهبان والقسيسيين. ولما زادت نسبة الوفيات بين الرجال على مثلها بين النساء بسبب الأسفار للتجارة وغيرها، وبسب الحروب العادية والصليبية، والنزاع بين الأفراد والجماعات، وغير هذه من الأخطار، بقيت نسبة كبيرة من النساء عانسات أو لجأن إلى الاختلاط الجنسي غير المشروع. وكانت الكنيسة ترحب بمن يردن أن يترهبن من النساء إذا استوفين شروط الترهب ولكن عدد الرهبان والقساوسة مجتمعين كان يفوق عدد الراهبات كثيراً. ومن أجل هذا فأن بنات الأشراف اللاتي لا يتزوجن كثيراً ما من يوهين إلى الأديرة أما بنات غير هذه الطبقة فكن يلجأن إلى العمل على عجلة الغزل، أو يعيشن مع بعض أقاربهن، أو يحيين في جو من العار والرهبة ليشبعن مطالب رجال من ذوي المكانة.