أن يعيشوا كما كان يعيش الرسل - ليس للواحد منهم ملك خاص. ثم نزل عن جزء من ثروته لزوجته، ووزع الباقي منها للفقراء، وقام يدعوا الناس إلى أن يعيشوا فقراء. وجمع حوله طائفة قليلة العدد هي (رجال ليون الفقراء) لبسوا مسوح الرهبان، وعاشوا عيشة العفة والطهارة، ومشوا حفاة أو منتعلين الصنادل، وكانوا ينفقون من مكاسبهم مشاعة (٢). وصبر عليهم رجال الدين بعض الوقت فلم يعارضوهم في شيء، وسمحوا لهم بان يقرءوا أو ينشدوا في الكنائس (٣). ولكن بطرس ضرب بمنجله محصول رجل غيره، منفذاً بذلك أوامر الإنجيل بحرفيتها؛ فأذكره رئيس أساقفة ليون بعبارة قوية أن الأساقفة وحدهم هم الذين يجوز لهم أن يعضوا الناس. وسافر بطرس إلى روما (١١٨٩)؛ وطلب إلى الإسكندر الثالث أن يمنحه إذناً بالوعظ، فأجابه البابا إلى طلبه على شريطة أن يوافق على ذلك رجال الدين المحليون، وأن يكون خاضعاً لإشرافهم. وواصل بطرس عظاته، دون أن يحصل على موافقة رجال الدين المحليين، وأصبح أتباعه من أشهر رجال الدين تمسكاً بالكتاب المقدس، وحفظوا فقرات طويلة منه عن ظهر قلب. واصطبغت هذه الحركة تدريجياً صبغة معادية لرجال الدين، ونبذتهم جميعاً، وأنكرت صحة العشاء الرباني الذي يقدمه قس آثم، وعزت إلى كل مؤمن طاهر القدرة على العفو عن الذنوب. وعارض بعض الأعضاء صكوك الغفران، وعقيدة المطهر، وتحول القربان المقدس إلى جسم المسيح ودمه، والصلاة للقديسين. وقامت طائفة منهم تنادي بأن "الأشياء جميعها يجب أن تكون ملكاً مشاعاً"(٤). ونادت طائفة أخرى بأن الكنيسة هي المرأة الحمراء المذكورة في سفر الرؤيا (٥). وصدر في عام ١١٤٨ قرار بحل هذه الجماعة، وقبل إنوسنت الثالث في الكنيسة عام ١٢٠٦ فئة منها هي فئة "الكاثوليك الفقراء"، أما كثرتها الغالبة فقد أصرت على آرائها الخارجة على الدين، وانتشرت من فرنسا إلى أسبانيا وألمانيا. وأصدر مجلس عقد في طولوز عام ١٢٢٩، ليقاوم في أغلب