بعضهم إلى الدين القويم متأثرين بتقواه وصلاحه (٢٨). ولعل المشكلة كانت بهذه الطريقة يصاحبها إصلاح شأن رجال الدين لو لم يقتل بيير ده كاستلنو Pierre de Castelnau أحد مندوبي البابا بيد فارس بسط عليه ريمند بعدئذ حمايته (٢٩). وكان إنوسنت قد رأى جهوده التي بذلها نحو عشر سنين طوال ضد هذه الطائفة الملحدة تبوء بالخيبة، فلجأ إلى أساليب العنف الشديد، وحرم ريمند ومحرضيه من الكنيسة، وأصدر قرار التحريم ضد الأراضي الخاضعة لهم، وعرض هذه الأراضي على كل مسيحي يستطيع القبض عليهم، ودعا المسيحيين في جميع أقطار العالم إلى حرب صليبية ضد الألبجنسيين ومن يحمونهم. وأجاز فليب أغسطس لكثيرين من بارونات مملكته أن يتطوعوا في هذه الحرب، وجاءت فصائل من ألمانيا وإيطاليا. ووعدت جميع من يشتركون في هذه الحرب بالغفران الشامل الذي وعد به من يحملون الصليب للقتال في فلسطين. وطلب ريمند المغفرة، وكفر عن ذنبه علنا (ضرب بالسوط وهو نصف عار في كنيسة القديس جيل St. Gills) ونال المغفرة للمرة الثانية واشترك في الحرب المقدسة (١٢٠٩).
وقاوم معظم سكان لانجويدك، خاصتهم وعامتهم على السواء، أولئك الصليبيين، لأنهم رأوا في هجوم أشراف الشمال وجنوده المغامرين محاولة تبغي الاستيلاء على أرضهم تحت ستار الغيرة الدينية، بل إن المسيحيين الصادقين من أهل الجنوب قاوموا غارات أهل الشمال (٣٠). ولما اقترب الصليبيون من بيزيير عرضوا عليها أن يجنبوها ويلات الحرب إذا ما سلمت إليهم جميع الملحدين الذين دون أسقفها أسماءهم، ولكن زعماء المدينة رفضوا هذا العرض وقالوا إنهم يفضلون أن يضرب عليهم الحصار حتى يضطروا إلى أكل أطفالهم فما كان من الصليبيين إلا أن تسلقوا أسوار المدينة، واستولوا عليها، وقتلوا من أهلها عشرين ألفا من الرجال والنساء والأطفال بلا تمييز بينهم، وحتى الذين احتموا منهم